لكن قطز تصدى لهذه المؤامرة وتغلب على الأمراء وأوقع فيهم القتل وردهم على أعقابهم (?)، ولم يمكنهم أبداً من العبث بأمن الدولة وقدرتها وتصديها للعدو المرتقب، المغولي، وظل صامداً يتابع توجيه السياسة وأصلاح البلاد وتخليصها من الفتن والاضطرابات وتوحيد جبهتها الداخلية، حتى إذا اقتربت معركة عين جالوت وإزداد الخطر رأى أنه من المناسب إعادة الصف بينه وبين الامراء الهاربين الذين حاربوه لتجتمع الكلمة وليستفيد من خبرتهم في الحروب وفي قيادة الجيوش (?)، وهكذا كان الإجماع الداخلي على التصدي للعدو المغولي وتوج هذا الإجماع بقرار مجلس الحرب وبحضور جميع الساسة في البلاد، وتحققت الوحدة الداخلية (?)، وبعد ذلك إهتم بالوضع السياسي الخارجي وعمل على تحييد الصليبيين وعقد معاقدة صلح معهم وإستفاد من المرور بأراضيهم، ولم يقاتل على جبهتين، وقابل المغول في عين جالوت وانتصر عليهم، وإستمرت الأعمال السياسية والإدارية بعد المعركة، فقد أرسل قطز رسلاً إلى بعض الدول يخبرهم فيها عن إنتصاره، كما أعلن ذلك على الشعب في مصر والشام وبذلك ثبت دعائم الأمن والاستقرار السياسي، كما نظم البلاد من الناحية الإدارية، وعين النواب وبسط نفوذه على كل البلاد التي كان يحتلها المغول في الشام (?). وهذا دليل على بعد نظره وحنكته السياسية.
8 ـ توفر صفات الطائفة المنصورة: لم يظهر سيف الدين قطز من فراغ وإنما سبقته جهود علمية وتربوية على أصول منهج أهل السنة والجماعة، وأصبح ذلك الجيل الذي أكرمه الله بالنصر في معركتي عين جالوت تنطبق فيه كثيراً من صفات الطائفة المنصورة والتي من أهمها:
أـ أنها على الحق: وللطائفة المنصورة من ملازمة الحق وإتباعه ما ليس لسائر المسلمين، وهي إنما إستحقت الذكر والنصح وتمسكها بالحق، حين أعرض عنه الأكثرون، ومن الجوانب البارزة في الحق الذي إستمسكت به حتى صارت طائفة منصورة ما يلي:
ـ الاستقامة في الإعتقاد وملازمة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مجانبة البدع وأهلها فهم أصحاب السنة.