آسيا الصغري وأرمينية، أولئك الذين كانوا يشكلون خطراً على المناطق المجاورة (?)

سادساً: عماد الدين زنكي، وأمراء دمشق:

1 - ضُّم حماة: أدرك عماد الدين زنكي أنه لا يستطيع مواصلة الجهاد ضد الصليبيين إلا إذا ضّم دمشق والمدن المحيطة بها إلى أملاكه، وأقام محور الموصل - حلب - دمشق لأن قطع الشام عن الجزيرة كان يجعله محتاجاً إلى البقاع وحوران لتموينه بالحبوب، بالإضافة إلى هدف سياسي يعود إلى وجود مملكة بيت المقدس اللاتينية في الجنوب. والواقع أن ممتلكات المسلمين في بلاد الشام كانت تتوزع آنذاك بين ثلاث قوى:

أ- محورها بوري بن طغتكين، أتابك دمشق الذي يسيطر على دمشق وحماة في الشمال، وحوران في الجنوب والجدير بالذكر أن آل طغتكين ورثوا حكم هذه المنطقة الحيوية من سلاجقة الشام، وكانت مشكلتا دمشق الرئيستان تتمثلان في تجنُّب قوة الزنكيين في الموصل وحلب، وقوة الصليبيين في بيت المقدس، والاحتفاظ بالسيطرة على السهلين الزراعين، البقاع في الشمال الغربي، وحوران في الجنوب الشرقي، اللذين يؤمنَّان لها القمح والعلف.

ب- محورها صمصام الدولة خير خان بن قراجا، أمير حمص.

ج- محورها سلطان بن منقذ، الأمير العربي الذي يسيطر على شيزر.

وحتى يحقق هذا الهدف كان عليه أن يضم حماة وحمص أولاً الواقعتين على الطريق المؤدي إلى دمشق نظراً لما يمنحه ذلك من قواعد عسكرية هامة، ومراكز للتموين لا يمكن الاستغناء عنها عند القيام بهجوم ضد المدينة الأخيرة أو فرض الحصار عليها (?) ورأى عماد الدين زنكي أن يستعمل الأساليب والمناورات السياسية لضَّم حماة وحمص، ويتجنَّب ما أمكن استعمال القوة، فأرسل إلى بوري بن طغتكين في دمشق يخطره بنيته في محاربة الصليبيين، ويلتمس منه المساعدة، فكتب بوري إلى ابنه سونج في حماة يأمره بالخروج من عسكره لنجدة عماد الدين زنكي، كما أرسل من دمشق قوة عسكرية مؤلفة من خمسمائة فارس، لتنضَّم إلى القوات الإسلامية. رحب عماد الدين زنكي بقدوم سونج، وأحسن لقاءه، لكنه لم يلبث أن قبض عليه، وعلى عدد من أمرائه وقادته، وأرسلهم إلى حلب ثم تقدم مسرعاً إلى حماة، منتهزاً خلوها من الدفاعات ودخلها في شهر شوال عام 524هـ/ شهر أيلول عام 1130م سلمَّها لحليفه خير خان صاحب حمص الذي كان يرافقه في عملياته (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015