وقد صار أتوناً (?)، فأخذت حجارته لأعمَّر بها معبداً للإسلام، يُذكر فيه الله وحده لا شريك له وكتبت اسمك عليه، وجعلت الثواب لك، فإن رسمت غرمت ثمنه لك، ويكون الثواب لي، فعلّت فأعجب الأمير كلامه، واستصوب رأيه وقال: بل الثواب لي، وأفعل ما تريد فشرع في عمارة المنارة في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة (?).
عادت سياسة أق سنقر الحازمة بنتائج هامة على المنطقة، فساد الأطمئنان، وأمنت الطرق وانتشر العمران، فانتعشت التجارة، وقد بلغ من سيطرة آق سنقر على الأمن في قرى حلب وضياعها أن أرسل من ينادي فيها أن لا يغلق أحد بابه، وأن يتركوا آلاتهم الزراعية في أماكنها ليلاً ونهاراً (?)، ومن ثم جاءت شهرته بناء على ما أنجزه في هذا المجال (?) وبعد أن نظم قسيم الدولة إمارته الداخلية، وحقَّق الأمن والاستقرار أراد أن يقوم بدور خارجي وكانت بلاد الشام، عبر تاريخها، عرضه للنزاعات من أجل السيطرة بين الشمال والجنوب. وقد مثَّلت دمشق، منُذ القرن السابع الميلادي، الجنوب، في حين مثَّلت حلب الشمال وكانت المفارقات بين الشمال والجنوب في بعض الأحيان اجتماعية واقتصادية ولكن غالباً ما كانت سياسية، حيث حاول حكام دمشق من جهتهم، وحكام حلب أيضاً مَّد سيطرتهم كلياً على بلاد الشام، وتبعاً لهذه القاعدة حدث صراع بين تُتُش وآق سُنْقُر (?)، فقد وقف في وجه تُتش الطامع في بلاده، وأن يتوسع على حساب جيرانه، وبدا له قبل الإقدام على تنفيذ هذا المشروع أن ينشىء جيشاً منظماً يعتمد عليه في حروبه وشرع في ذلك وكانت نواة هذا الجيش تمثَّلت بالقوة التي تركها ملكشاه معه عندما رحل عن حلب وتعدادها أربعة آلاف مقاتل، ثم تعَّدت الستة آلاف (?). وقد اعتمد آق سُنْقُر على نوعين من القوات العسكرية.
* النوع الأول: القوات الاحتياطية التي كان يزداد عددها باستمرار، وهي تنتمي إلى العنصر التركي.
* النوع الثاني: القوات الاحتياطية التي كان يجمعها حين يحتاج إليها، وكانت خليطاً من العرب والتركمان وغيرهم، وقد وصل عددها في المعركة التي خاضها