وبتحليل الأقوال السابقة نجد أن القول الأول في روايتان مرسلتان في سند إحداهما جهالة عين، أما الرواية الموصولة فإضافة إلى ضعف سندها الموضح سابقًا، ففيها اضطراب في المتن، كما أن الراوى لم ينص صراحة على أنها أول سرية، بل غاية ما ذكره أنه أول أمير أُمِّر وهو أمر محتمل، فربما كان قصده أول أمير يُنصَّبُ رسميًّا بأمر كتابي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ماحدث في سرية عبد الله بن جحش إلى نخلة، ويؤيد ذلك ما وقع في رواية البزار: "أول أمير عُقد له في الإسلام"1 وذلك أمر لم يتعوده الصحابة من قبل حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يعين قواد السرايا بأمر شفهي منه، وربما كان لقوله صلى الله عليه وسلم في آخر الرواية معاتبًا إياهم: "لأعين عليكم رجلاً ليس بخيركم أصبركم على الجوع والعطش" 2 بالغ الأثر عليهم فامتزج العقاب مع التطلع إلى هذا المنصب أو من يفوز به فعلق في أذهانهم وحفظوه.

أيضًا كيف تكون سرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه هي الأولى مع أن هذه السرية التي خرج فيها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قد سبقتها، فالمفروض أن تكون هي الثانية في الترتيب لا الأولى. وهناك شيء آخر، فمن خلال سياق الرواية يتضح لنا أن إرسال سرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه في السنة الأولى بعد السرية التي خرج فيها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مباشرة. والمعروف عند أهل المغازي أن سرية عبد الله بن جحش إلى نخلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015