حتى إذا ما أخذوا قسطًا وافرًا من النوم أوَّل الليل إلى الثلث الأخير منه، قام معظمهم لأداء صلاة التهجد التي تملأ قلوبهم روحانية وتكسبهم مزيدًا من النشاط لأدائها في وقت يكون الجسم فيه مرتاحًا. فبالإضافة إلى أن حركات الصلاة حركات تدريبية رياضية لكل أعضاء الجسم، فإن في الروحانية المتمثلة في اتصال العبد مع خالقه عزَّ وجلَّ في خشوع وطمأنينة، رياضة إضافية للنفس تملؤها إيمانًا ويقينًا، هذا بالإضافة إلى الاستعداد الدائم واليقظة التامَّة امتثالاً لقوله تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} 1.

فكانوا دائمًا يقومون بنشاطات تدريبية مركَّزة تتمثَّل في ركوب الخيل، والسبق، والرماية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحثُّهم على فعل ذلك، بل ويشاركهم فيه، معطيًا من نفسه القدوة، فكان يبزُّ الشباب من الصحابة قوة ومهارة ونشاطًا وحيوية، فعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على ناس يتنضَّلون2، فقال: حسن هذا اللهم – مرتين أو ثلاثًا – ارموا وأنا مع ابن الأدرع، فأمسك القوم بأيديهم، فقالوا: لا والله لا نرمي معه وأنت معه يا رسول الله إذًا ينضلنا. فقال: ارموا وأنا معكم جميعًا، فقال: لقد رموا عامة يومهم ذلك ثمَّ تفرقوا على السواء ما نضل بعضهم بعضًا"3.

وكان صلى الله عليه وسلم يركِّز على تعلم الرماية كثيرًا موضِّحًا أنها خير ما يعدُّ من قوة استعدادية للكفار، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي" 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015