في تهذيبه للسيرة محققًا للنصوص ومنتقدًا لما وقع لابن إسحاق من هفوات، ومتممًا لما فاته من الروايات ذات الصلة بموضوع السيرة، فجاءت سيرته على أكمل الوجوه وأحسنها اختصارًا واستيعابًا للأحداث الأساسية الهامة في حياته صلى الله عليه وسلم1 إن "سعة انتشار ملخص ابن هشام قللت الحاجة إلى الكتاب الأصلي منذ عهد بعيد، فاليعقوبي المتوفى حوالي (300هـ) يستخدم ملخص ابن هشام هذا2.
وابن هشام هو أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري النحوي، كان مشهورًا بحمل العلم، متقدمًا في علم النسب والنحو واللغة، يحدثنا عنه الذهبي وابن كثير أنه حين جاء إلى مصر اجتمع به الشافعي، وتناشدا من أشعار العرب أشياء كثيرة. له بعض الكتب في النسب والنحو، ولكن شهرته كانت بسبب ما قام به من عمل علمي دقيق في تهذيب وتنقيح سيرة ابن إسحاق، حتى ليكاد الناس ينسون معه مؤلفها الأول ابن إسحاق، توفي ابن هشام عام (218هـ) 3.
ومن أهم ما اعتمدته من المصادر في هذا البحث: "الطبقات الكبرى" لابن سعد المعروف بكتاب الواقدي، وخاصة الجزء الخاص بالمغازي منها، "وابن سعد ثقة يتحرى في كثير من رواياته كما يقول الخطيب البغدادي والعسقلاني، لكنه ينقل عن الضعفاء مثل الواقدي الذي أكثر من النقل عنه حتى اتهمه ابن النديم بسرقة مصنفاته، لكن التدقيق يثبن أن ابن سعد مؤلف له منهجه وأنه يكثر النقل عن الواقدي"4 لكن معلوماته أكثر تنظيمًا ودقة، وتكمل الصورة التاريخية للحدث من حيث التاريخ، والسبب، وسير الأحداث، والنتائج.