على طلبنا"12.

لقد أثبتت هذه السرية القوة، والجلد، ورباطة الجأش، والشجاعة النادرة، والتحكم في الأعصاب، والأحاسيس، التي كان يتحلى بها جند الحق والإيمان، وطلائع الجهاد الإسلامي، إن الروعة لم تكن تتجلى في قوة وجلد ذلك الجندي الشجاع المؤمن جندب بن مكيث رضي الله عنه فحسب، بل في رباطة الجأش العظيمة التي تميَّز بها وهو يواجه سهمين قويين من رام قنَّاص ماهر، استقرا في جسمه وخالطاه، ومع ذلك ثبت كالطود3 ولم يتزعزع، وكأنه قطعة من التل الذي كان منبطحا عليه، حتى إن الأعرابي تراجع عن شكه واثقًا أن ما رماه لم يكن كائنًا حيًّا، فلو كان كذلك لتحرك من مكانه على الأقل كما ذكر لزوجته. ولم يعلم ذلك الأعرابي أن الإيمان إذا تمكن من قلب الإنسان، فإنه يسمو به في روحانية عجيبة، وشفافية نادرة تسيطران عليه فتملكان عليه حسَّه وأحاسيسه.

إن قوة الإيمان تحرك في الجسم البشري قواه وطاقاته الكامنة، وتنفق فيه قوة عجيبة من التحكم والسيطرة والتحمل. وذلك ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الأشداء على الكفر والكافرين، وهذه القصة إحدى الشواهد القوية على ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015