فهناك شخصية خالد قائد الجيش وما يتطلبه منه الموقف من حزم وسرعة بديهة وتصرُّف عاجل، وهناك على ما أعتقد قلة خبرته الفقهية الضرورية لإصدار الأحكام الاجتهادية قياسا مع الصحابة الذين أنكروا عليه، كعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم، لسابقتهم في الإسلام، وحداثة عهده به1.
وهناك شخصية أفراد القبيلة وماضيهم المليء بالغدر والفتك2، والذي بعرفه خالد جيدا.
وهناك الأهم، وهو تصرفهم أثناء الحادثة، قوم مدجَّجون بالسلاح، مستعدون للقتال، وفجأة عند ما ظهر عليهم المسلمون قالوا: صبأنا صبأنا. وكانت هذه اللفظة متداولة في مكة، وتطلق على كل من أسلم حديثا على سبيل الذم والاحتقار، فكان واجب القيادة يحتم على خالد سرعة الحسم، فربَّما أنه رأى في تقديره الشخصي وما أدَّى إليه اجتهاده أنهم لو كانوا قد أسلموا لما لبسوا السلاح، واستعدوا للقتال وهم يعرفون أن المسلمين قريبون منهم ويسمعون أخبارهم.
وما خبر فتح مكة بالخبر الذي يخفى، وربما أنه اعتقد أنهم لو أسلموا لكانوا عرفوا النطق بالشهادتين، وهي الوثيقة الوحيدة التي تفرق بين المسلم والكافر3 أو ربما أنه ظن أنهم قالوا كلمتهم تلك احترازا وخوفا من