مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي"1. هذه الرواية2 على ضعفها حديثيًّا إلا أننا نستأنس بها تاريخيًّا على مدى الحب المتمكن في قلوب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له، ذلك الحب الذي لا يتزعزع حتى في أصعب اللحظات حراجة، وهكذا نراهم يفدونه بأنفسهم أن تصيبه شوكة آمنا في بيته, وهو بين يدي أعدائهم يعاينون الموت، فما أخلصها من تضحية، وما أعظمه حبًّا أدهش أعداءهم في ذلك الوقت، يقول أبو سفيان في سياق الرواية السابقة "ما رأيت من الناس أحدًا كحب أصحاب محمد محمدًا"3.
وقد استجاب الله عز وجل "لعاصم بن ثابت يوم أصيب، فأخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابه خبرهم وما أصيبوا، وبعث ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حُدثوا أنه قتل ليؤتَوا بشيء منه يعرف، وكان قد قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر4 فَبُعِثَ على عاصم مثل الظلة من الدَّبر5. فحمتهم من رسولهم، فلم يقدروا على أن يقطعوا من لحمه شيئا6.
وهكذا فقدت الدعوة إلى الله بعض فرسانها، وحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم و"المسلمون لفقدانهم عاصما وصحبه، ولمصرع أسيرهم على هذا النحو