بعيرهما في فناء شعب من شعابه، وقال عمرو لصاحبه: "انطلق بنا إلى دار أبي سفيان، فإني محاول قتله! فانظر فإن كانت محاولة، أو خشيت شيئا فالحق ببعيرك فاركبه، والحق بالمدينة فأت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، وخل عني، فإني رجل عالم بالبلد جريء عليه، نجيب الساق"1.
ودخلا مكة على حين غفلة من أهلها، وكان عمرو قد أعدَّ خنجرًا حاد النصل لقتال أبي سفيان، فقال له الأنصاري: "هل لك أن نبدأ فنطوف بالبيت أسبوعا2 ونصلي ركعتين"3.
فرد عليه عمرو: "أنا أعلم بأهل مكة منك إنهم إذا أظلموا رشوا أفنيتهم، ثم جلسوا بها، وأنا أعرف بها من الفرس الأبلق4"5 ولكن الأنصاري أصرَّ على رأيه فما زال بعمرو حتى طاف بالبيت سبعا، وصليا ركعتين، ثم خرجا فمرَّا على مجلس من مجالس قريش، فعرف رجل منهم عمرو بن أمية6 "فصرخ بأعلى صوته: هذا عمرو بن أمية"7 فتبادرتهما أهل مكة "وقالوا: تالله ما جاء بعمرو خيرٌ والذي يُحلف به ما جاءها قط إلا لشر"8. وكان عمرو فاتكًا ذائع الصيت في الجاهلية فحشد أهل مكة جمعهم وخرجوا يشتدون في أثره وأثر صاحبه، وهو يقول له: "النجاء، هذا والله الذي كنت أحذر، أما الرجل فليس إليه سبيل فانج بنفسك"9. وخرجا يشتدان حتى