علينا" ينصرف إلى إحلال النبي صلى الله عليه وسلم وتحريمه، فإن قيل: فالصحابة في هذه الواقعة كانوا مضطرين، ولهذا لما هموا بأكلها قالوا: إنها ميتة، وقالوا: نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مضطرون فأكلوا، وهذا دليل على أنهم لو كانوا مستغنين عنها لما أكلوا منها1.

قيل: لا ريب أنهم كانوا مضطرين ولكن هيأ الله لهم من الرزق أطيبه وأحله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لهم بعد أن قدموا: "هل بقي معكم من لحمه شيء؟ " قالوا: نعم، فأكل منه صلى الله عليه وسلم وقال: إنما هو رزق ساقه الله لكم"، ولو كان هذا رزق مضطر لم يأكل منه للضرورة فكيف ساغ لهم أن يدهنوا بوكدها، وينجسوا به ثيابهم وأبدانهم، وأيضا كثير من الفقهاء لا يُجَوِّز الشبع من الميتة، إنما يجوزون منها سد الرمق. والسرية أكلت منها حتى ثابت إليهم أجسامهم وسمنوا وتزودوا منها2.

وفيها دليل على جواز الاجتهاد في الوقائع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وإقراره على ذلك، لكن هذا كان في حال الحاجة إلى الإجتهاد وعدم تمكنهم من مراجعة النص. وقد اجتهد أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدة من الوقائع وأقرهما على ذلك، لكن في قضايا جزئية معينة لا في أحكام عامة وشرائع كلية؛ فإن هذا لم يقع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015