فصل
الخامس من اعتراض الشلبي على قصة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع موسى عليه الصلاة والسلام قوله: كيف يتصور العقل محمداً - صلى الله عليه وسلم - ذاهباً وعائداً عدة مرات بناء على طلب موسى, والابن لا يطيع أباه إلى هذا المدى مهما كان في ذلك من خير إليه.
والجواب أن يقال: أما العقل السليم فإنه لا ينكر نصيحة موسى عليه الصلاة والسلام لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وإشارته عليه أن يراجع ربه ويطلب منه التخفيف عنه وعن أمته من عدد الصلوات, ولا ينكر أيضاً ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه تردد بين ربه وبين موسى عليه الصلاة والسلام عدة مرات إلى أن انتهى التخفيف من عدد الصلوات, فكل هذا ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - , والعقل السليم لا ينكر شيئاً مما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بل يتلقاه بالقبول والتسليم, وأما العقل السقيم الذي قد رانت عليه ظلمات البدع والشبه والشكوك فإنه لا يقيم وزناً للأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يبالي بردها وإنكارها ومقابلتها بالاعتراضات والآراء الفاسدة, وهذا ما فعله الشلبي في هذا الموضع وفي مواضع كثيرة من كتيّبه المملوء بالجهل والضّلال.