لأحدهما: سامح أخاك .. أجابك وعلى الفور: إنه أخطأ معي .. إنه ظلمني .. فكيف أسامحه! وعندئذ تعتري العاقل الحيرة، وتتملكه الدهشة، أليست المسامحة إنما وجدت دواء لخطأ الآخرين، وأن المسامحة والتسامح لا تطلب من فراغ، إنما تعني كلمة التسامح خطأ وظلم من طرف، وغفران وعفو من الطرف الآخر، فهذه المعادلة المتبادلة تسمى تسامحًا، ومع ذلك يصر المسلمون على عدم إدراك هذا المعنى، وعدم تطبيقه، ولكن بقي سؤال: كيف تكون الأخلاق؟
وكيف يتكون حسن الخلق؟
الظاهر والله أعلم أن حسن الخلق يكون، بعد هداية الله، بالفطرة وبالاكتساب.
فالقدوة هي العالم الرئيسي في حسن الخلق، والتأثير عليه، إذ يتأثر المتربي تأثرًا مباشرًا وغير مباشر بخلق مربيه ومعلمه، ولذلك ترى أنه لا يحسن التربية، من كانت شيمته سوء الخلق، وأنى له هذا؟ ! وفاقد الشيء لا يعطيه.
وإذا كان يمكن تحصيل العلم بالكتب، فإنه من المحال تحصيل الأخلاق بالدراسة والتعلم، بل إني أعرف اثنين ألفا كتبًا في أخلاق المسلم، وسوء خلقهما وبذاءة لسان أحدهما أشهر من أن نذكر اسميهما.
ألا ترى إلى هؤلاء الثلة الطيبة الطاهرة التي تخرجت من