والمعقولية، وفي نفس الوقت يجد المربون غربة في الأهداف المادية وفي الوسائل، وفي عدم الالتزام بالغايات العليا للتربية.
وتتمثل الأزمة الثقافية المعاصرة في عجز المربين عن بلورة التزام أخلاقي عميق ومستمر، يمكن أن يبعث الحيوية في الحياة اليومية، ويسبغ عليها صفة الشرعية.
والمربون يعكسون الألم والكرب الناتجين عن الاغتراب، وهم يعلنون الفساد والانحطاط الكامنين في هذه الثقافة، ويدركون الأبعاد التاريخية والثقافية، وكذلك مخاطر الحلول السطحية التي يتم طرحها1.
فهذا الانتماء للمنهج التربوي بحكم المعايشة والولاء له، مع الشعور بالخواء الأخلاقي يحدث في النفس انفصاماً واضطراباً بين حنينه وولائه لمنهجه، وبين حياته المادية والثقافية التي لا تتوافق مع الفطرة البشرية، فيتولد عن ذلك ما يسمى بالغربة.
أما منهج التربية الإسلامية، فلا تناقض فيه بين منهجه وبين الفطرة البشرية ولا بين الأهداف والوسائل، فالأهداف كلها تنطلق من تحقيق العبودية لله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} 2. وأما الطريق والمنهج فقال تعالى عنه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 3.
ومما أكدته القواعد الأصولية: أن الوسائل لها أحكام المقاصد4.