التواضع والتنزل والتحقق بوصف الفقر والفاقة والانطراح بين يدي الله, وغير ذلك من أوصاف العبودية, التي لا يتخلف عنها ويتقهقر ويتأخر عن الأسباب الموصلة إليها إلا
ودليل هذا من حيث الذوق والحال: أن جعل السبحة
هالك بصحبة الهالكين, وتالف بصحبة التالفين, وغافل بصحبة الغافلين, وراض عن نفسه بصحبة الراضين عن أنفسهم وأجر القياس.
والله يعصمك من الناس. اللهم اعصمنا من شر الفتن وعافنا من جميع المحن, وأصلح منا ما ظهر وما بطن, بمنِّك. آمين.
ولا يُقال: إن جعالها في العنق يورث الفقر حسبما ذكره بعضهم؛ لأَنا نقول: لا أصل يشهد لذلك, والتجربة والواقع يشهدان بخلاف ما هنالك, فإن عدداً من كبراء أهل النسبة - قواهم الله - ديدنهم أبداً جعلها في عنقهم بعد الفراغ من الاستعمال, وقد بسط الحق تعالى عليهم من الأرزاق الحسية والمعنوية ما لا يحد بحد ولا يخطر ببال, ولم يزدهم ذلك إلا تواضعاً وتنزلاً لله ورسوله ولسائر العباد في الحال والمآل.