إن تقصير أهل الحق في السبق به إلى العقول من أهم الأسباب لنزول الفتن والمصائب بالأمة الإسلامية، وهاهي الفتن والمصائب تتابع على المسلمين في كل مكان، حتى أصبحوا مع كثرتهم أذلة، ومع توافر وسائل غناهم فقراء، ومع إمكانات وجود عوامل قوتهم ضعافا، مزقهم الله شر ممزق وجعل بأسهم بينهم، يقتل بعضهم بعضا، ويكفر بعضهم بعضا، ويستعين بعضهم بعدوهم على بعض، يعيشون في وضع شاذ بين الأمم. هذا الوضع الشاذ تأبى حكمة الله أن يستمر طويلا، وإذا لم يغيروا ما بأنفسهم فإن الله لا بد أن يستبدل بهم غيرهم سنة الله في خلقه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (?) . . {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ