خلق الله تعالى الإنسان مزودا بآلات حسية ظاهرة للعيان، أو خفية في داخل جسمه، لتقوم تلك الآلات بما هيأها الله سبحانه وتعالى من عمل: أسنان تطحن ولسان يخلط ويتذوق وينظف، وجلد يحس ويتألم، ويد تبطش وتأخذ، ورجل تمشي وتسير، وأذن تسمع، وعين تبصر، وأنف تشم وتستنشق الهواء النافع للجسم من الخارج ويعبر منها الهواء الفاسد من الداخل، وحلق يدخل منه الطعام والماء والهواء، ومعدة تهضم الطعام، وقلب يضخ الدماء وينقيها، وهكذا: الرئة، والكلى، والجهاز الإخراجي والجهاز الدوري وغيرها، كل هذه الآلات وأجزائها تقوم بعمل قد هيأها الله له، فإذا فقد أي منها تعطل عملها الذي هيئت له.
فإذا فقد البصر قيل لصاحبه أعمى، وإذا فقد السمع قيل لصاحبه أصم، وإذا فقد النطق قيل لصاحبه أبكم، والبصر قد يفقد والعينان في ظاهرهما سليمتان، والسمع قد يفقد والأذنان في ظاهرهما كذلك وهكذا....
وهناك آلة معنوية زود الله بها الإنسان، لا يستفيد من كثير من آلاته الحسية، إذا لم تكن هذه الآلة موجودةً، وهي العقل الذي جعله الله سبحانه وتعالى ميزانا لإدراك الحق من الباطل، في حدود مجاله الذي خلقه الله للعمل فيه.