فيه بلغات غيرهم من الروم والفرس والحبشة شيء كثير. انتهى.

وأيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل إلى كل أمة، وقد قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4]، فلابد وأن يكون في الكتاب المبعوث به من لسان كل قوم، وإن كان أصله بلغة قومه هو.

وقد رأيت الخويي ذكر لوقوع المعرب في القرآن فائدة أخرى، فقال: إن قيل: إن (إستبرق) ليس بعربي، وغير العربي من الألفاظ دون العربي في الفصاحة والبلاغة، فنقول: لو اجتمع فصحاء العالم، وأرادوا أن يتركوا هذه اللفظة، ويأتوا بلفظ يقوم مقامها في الفصاحة لعجزوا عن ذلك، وذلك لأن الله تعالى إذا حث عباده إلى الطاعة، فإن لم يرغبهم بالوعد الجميل، ويخوفهم بالعذاب الوبيل، لا يكون حثه على وجه الحكمة، فالوعد والوعيد نظراً إلى الفصاحة واجب، ثم إن الوعد بما يرغب فيه العقلاء، وذلك منحصر في أمور:

الأماكن الطيبة، ثم المآكل الشهية، ثم المشارب الهنية، ثم الملابس الرفيعة، ثم المناكح اللذيذة، ثم ما بعده مما يختلف فيه الطباع.

فإن ذكر الأماكن الطيبة والوعد به لازم عند الفصيح، ولو تركه لقال من أمر بالعبادة، ووعد عليها بالأكل والشرب: إن الأكل والشرب لا ألتذ به إذا كنت في حبس، أو موضع كريه، فإذن ذكر الله الجنة، ومساكن طيبة فيها.

وكان ينبغي أن يذكر من الملابس ما هو أرفعها، وأرفع الملابس في الدنيا الحرير، وأما الذهب فليس مما ينسج منه ثوب، ثم إن الثوب الذي من غير الحرير لا يعتبر فيه الوزن والثقل، وربما يكون الصفيق الخفيف أرفع من الثقيل الوزن، وأما الحرير فكلما كان ثوبه أثقل كان أرفع، فحينئذ وجب على الفصيح أن يذكر الأثقل الأثخن، ولا يتركه في الوعد لئلا يقصر في الحث والدعاء.

ثم هذا الواجب الذكر إما أن يذكر بلفظ واحد موضوع له صريح، أو لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015