فأنزل الله - عز وجل -: {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها} [الحديد: 27]، والآخرون قالوا: نتعبد كما تعبد فلان، ونسيح كما ساح فلان، وهم على شركهم، لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا بهم، فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبق منهم إلا قليل، انحط رجل من صومعته، وجاء سائح من سياحته، وصاحب الدير من ديره، فآمنوا به وصدقوه، فقال الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته} [الحديد: 28]: أجرين، بإيمانهم بعيسى - عليه السلام -، وبالتوراة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وتصديقهم، وقال: {ويجعل لكم نوراً تمشون به} [الحديد: 28] القرآن، واتباعهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {لئلا يعلم أهل الكتاب} [الحديد: 29] الذين يتشبهون بكم، {ألا يقدرون على شيءٍ من فضل الله} ... الآية.
347 - أخرج البخاري والنسائي عن عائشة - رضي الله عنهم - قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة: خولة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلمته في جانب البيت، وما أسمع ما تقول، فأنزل الله - عز وجل -: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما} [المجادلة: 1] إلى آخر الآية.
348 - وأخرج الترمذي عن علي - رضي الله عنه - قال: لما نزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} [المجادلة: 12]، قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما ترى؟ ديناراً»؟ قلت: لا يطيقونه، قال: «فنصف دينار؟ »، قلت: لا يطيقونه، قال: «فكم؟ » قلت: شعيرة، قال: «إنك لزهيد»،