ومن ذلك مد وأمد، قال الراغب: أكثر ما جاء الإمداد في المحبوب، قوله تعالى: {وأمددنهم بفكهة} [الطور: 22]، والمد في المكروه، نحو قوله تعالى: {ونمد له من العذاب مدا} [مريم: 79].
ومن ذلك: سقى وأسقى، فالأول لما لا كلفة فيه، ولهذا ذكر في شراب الجنة، نحو قوله تعالى: {وسقهم ربهم شرابا طهورا} [الإنسان: 21]، والثاني لما فيه كلفة، ولهذا فكر في ماء الدنيا، نحو قوله تعالى: {لأسقينهم ماء غدقا} [الجن: 16]، وقال الراغب: الإسقاء أبلغ من السقي، لأن الإسقاء أن يجعل له ماء يسقى منه ويشرب، والسقي أن يعطيه ما يشرب.
ومن ذلك: عمل وفعل، فالأول لما كان من امتداد زمان، نحو قوله تعالى: {يعملون له ما يشاء} [سبأ: 13]، {مما عملت أيدينا} {يس: 71}، لأن خلق الأنعام والثمار والزروع بامتداد، والثاني بخلافه، نحو قوله تعالى: {كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} [الفيل: 1]، {كيف فعل ربك بعاد} [الفجر: 6]، {كيف فعلنا بهم} [إبراهيم: 45]، لأنها إهلاكات وقعت من غير بطء، {ويفعلون ما يؤمرون} [النحل: 50]، أي: في طرفة عين، ولهذا عبر بالأول في قوله تعالى: {وعملوا الصالحات} [البقرة: 25]، حيث كان المقصود المثابرة عليها لا الإتيان بها مرة أو بسرعة، وبالثاني في قوله تعالى: {وافعلوا الخير} [الحج: 77]، حيث كان بمعنى سارعوا، كما قال تعالى: {فاستبقوا الخيرات} [البقرة: 148]، وقوله تعالى: {والذين هم للزكاة فعلون} [المؤمنون: 4]، حيث كان القصد يأتون بها على سرعة من غير توان.
ومن ذلك: القعود والجلوس، فالأول لما فيه لبث بخلاف الثاني، ولهذا يقال: قواعد البيت، ولا يقال: جوالسه، للزومها ولبثها، ويقال: جليس الملك، ولا يقال قعيده، لأن مجالس الملوك يستحب فيها التخفيف، ولهذا استعمل الأول في قوله تعالى: {مقعد صدق} [القمر: 55]، للإشارة إلى أنه لا زوال له، بخلاف: {تفسحوا في المجلس} [المجادلة: 11]، لأنه يجلس فيه زماناً يسيراً.