والتأكيد، وهي الزائدة في النفي والنهي أو الاستفهام، نحو: {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها} [الأنعام: 59]، و {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور} [الملك: 3]، وأجازها قوم في الإيجاب، وخرجوا عليه: {ولقد جاءك من نبإى المرسلين} [الأنعام: 34]، {يحلون فيها من أساور} [الكهف: 31]، {من جبال فيها من برد} [النور: 43]، {يغضوا من أبصارهم} [النور: 30].
فائدة:
أخرج ابن أبي حاتم، من طريق السدي، عن ابن عباس، قال: لو أن إبراهيم حين دعا قال: فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم، لازدحمت عليه اليهود والنصارى، ولكنه خص حين قال: {أفئدة من الناس} [إبراهيم: 37]، فجعل ذلك للمؤمنين. وأخرج عن مجاهد قال: لو قال إبراهيم: «فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لزاحمتكم عليه الروم وفارس»، وهذا صريح [في فهم] الصحابة والتابعين التبعيض من «من»، قال بعضهم: حيث وقعت {يغفر لكم} [الأحزاب: 70] في خطاب المؤمنين لم تذكر معها «من»، كقوله في الأحزاب: {يا أيها الذين امنوا لا تكونوا كالذين ءاذوا موسى فبرأه ألله يا قالوا وكان عند الله وجيها وإذ أخذنا من النبين ميثاقهم ومنك} [الأحزاب: 69، 70]، وفي الصف: {يأيها الذين ءامنوا هل أدلكم على تجارة}، إلى قوله: {يغفر لكم ذنوبكم} [الصف: 10 - 12]، وقال في خطاب الكفار في سورة (نوح) نحو: {يغفر لكم من ذنوبكم} [نوح: 4]، وكذا في سورة {إبراهيم} وفي سورة (الأحقاف)، وما ذاك إلا للتفرقة بين الخطابين، لئلا يسوي بين الفريقين في الوعد، ذكره في «الكشاف».