الوجه الثاني: أن تكون لطلب الترك، فتختص بالمضارع، وتقتضي جزمه واستقباله، سواء كان نهياً، نحو قوله تعالى: {لا تتخذوا عدوى} [الممتحنة: 1 [، {لا يتخذ المؤمنون الكفرين} [آل عمران: 28 [، {ولا تنسوا الفضل بينكم}] البقرة: 237 [، أو دعاء، نحو قوله تعالى: {لا تؤاخذنا}] البقرة: 286].
الثالث: التأكيد، وهي الزائدة، نحو قوله تعالى: {ما منعك ألا تسجد} [الأعراف: 12]، {ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن} [طه: 92، 93]، {لئلا يعلم أهل الكتاب} [الحديد: 29]، أي: ليعلموا، قال ابن جني: لا هنا مؤكدة، قائمة مقام إعادة الجملة مرة أخرى.
واختلف في قوله تعالى: {لا أقسم يوم القيامة} [القيامة: 1]، [فقيل: زائدة، وفائدتها التوكيد لنفي الجواب، والتقدير]: «لا أقسم بيوم القيامة لا يتركون سدى»، ومثله: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك} [النساء: 65]، ويؤيده قراءة: «لأقسم»، وقيل: نافية، لما تقدم عندهم من إنكار البعث، فقيل لهم: ليس الأمر كذلك، ثم استؤنف القسم، قالوا: وإنما صح ذلك؛ لأن القرآن كله كالسورة الواحدة، ولهذا يذكر الشيء في سورة، وجوابه في سورة، نحو قوله تعالى: {وقالوا يأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} [الحجر: 6]، {ما أنت بنعمة ربك بمجنون} [القلم: 2].
وقيل: منفيها «أقسم» على أنه إخبار لا إنشاء، واختاره الزمخشري، قال: والمعنى في ذلك أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاماً له، بدليل: {فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} [الواقعة: 75، 76]، فكأنه قيل: إن إعظامه بالإقسام به كلا إعظام، أي: أنه يستحق إعظاماً فوق ذلك.
واختلف في قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً} [الأنعام: 151]، فقيل: لا نافية، وقيل: ناهية، وقيل: