390 - قال الحافظ ابن حجر في (اللسان) (?): وقد وقع نحو هذا في المغرب فحدّث شيخ يقال له أبو عبد الله محمد الصقلي قال: صافحني شيخي أبو عبد الله مُعمّر وذكر أنه صافح النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأنَّه دعا له فقال له: (عمّرك الله يا مُعمّر) فعاش أربعمائة سنة.
وأجاز لي محمد بن عبد الرحمن المكناسي من الثغر سنة بضع عشرة وثمانمائة أنه صافح أباه، وأنّ أباه صافح شيخًا يقال له الشيخ علي الحطاب بتونس، وذكر له أنه عاش مائة وثلاثة وثلاثين عامًا، وأنّ الحطاب صافح الصقلي، وذكر أنه عاش مائة وستين سنة. فهذا كلُّه لا يَفرح به مَن له عقل، انتهى.
وقال في (الإصابة) (?): المُعمّر -بضمّ أوله والتشديد- شخص اختلق اسمُه بعض الكذابين من المغاربة. أخبرنا الكمال أبو البركات بن أبي زيد المكناسي إجازة مكاتبة قال: صافحني والدي وقد عاش مائة قال: صافحني الشيخ أبو الحسن علي الحطاب -بالحاء المهملة- بمدينة تونس وعاش مائة وثلاثين سنة قال: صافحني الشيخ أبو عبد الله محمد الصقلي وعاش مائة وستين سنة قال: صافحني أبو عبد الله مُعمّر وكان عمره أربعمائة سنة قال: صافحني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودعا لي فقال: (عمّرك الله يا معمّر) ثلاث مرات.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا مِن جنس رتن وقيس بن تميم وأبي الخطاب ومكلبة ونسطور، وقد استوعبتُ تراجم هؤلاء في جزء، انتهى (?).
-[334]-
قال (?): وقد وجدتُ للمُعمّر خبرًا آخر؛ قال الآقشهري: أنبأنا أبو زيد عبد الرحمن بن علي الجزائري أخبرني علي بن أحمد بن عبد الرحمن بن حديدي (قال: سافرتُ مِن مالقة إلى غرناطة فلقيتُ أحمد بن محمد بن حسن (?) الجذامي) (?) قال لي: لقيتُ محمد بن بكرون بن أبي مروان عبد الملك بن بشر قال: قال لي محمد بن زكريا بن بواطن (?) التجيبي: لمّا تكاثرت الأخبار بقصة المُعمّر ولُقِيّ أبي مروان له اجتزتُ على وادي آش في شهر رجب سنة إحدى وستين وستمائة فألفيتُ بها أبا مروان فسألتُه عن خبر المُعمّر فقال لي: خرجتُ مِن الأندلس سنة سبع عشرة وستمائة إلى أن وصلتُ إلى مكة فأقمتُ بها سبع سنين، ثم تجوّلتُ (?) في البلاد فوصلتُ إلى البصرة، فوجدتُ خبر المُعمّر بها مشهورًا (?)، ثم قيل لي هو في إقليم كذا، فانحدرتُ إلى [كَشّ] (?) فقوي الخبر، فانحدرتُ أيضًا إلى بلد (?) أخرى فقيل لي إن الطريق ممتنع لأنه صحراء مسيرتها خمسةٌ وأربعون يومًا، وكنتُ أقيم أيامًا لا آكل ولا أشرب، فعزمتُ على المسير منها (?). ثم قيل لي إنّ هناك (?) طريقًا أقرب (لكنها) (?) لا تُسلك مِن أجل [التتر] (?). فهان ذلك
-[335]-
عليَّ، فسِرتُ ولا أكلِّم من يكلِّمني بل أُظهر الصمم ولا آكل ولا أشرب. قال: فمشيتُ في عسكر [التتر] (?) ستة أيام على ذلك، ثم خرجتُ منهم فسِرتُ يومين حتى دخلت (?) إلى الموضع الذي قصدتُه، فتعجّب أهله منّي وأضافني شيخٌ منهم فأدخلَني بيتًا فإذا فيه الشيخ المعمّر ملفوفًا في القطن، فدعاه فقال: يا سيّدي هذا رجلٌ مِن بلادٍ بعيدة مِن المغرب الأقصى، جاء إلينا ليس له حاجة غير رؤيتك، ويريد أن يسمع منك. فكلَّمني بكلامٍ ترجمه لي ذلك الشيخ فقال: كنتُ يوم الخندق أحمل مع المسلمين وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلمّا رأيته (?) وجدتُ في نفسي خِفّة في العمل، فلمّا رأى ذلك منّي قال: (عمّرك الله، عمّرك الله، عمّرك الله). ثم سكت، فقال لي الذي أدخلني عليه: يكفيك.