قال الحافظ جمال الدين المزي رحمه الله تعالى:
الحمد لله وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، أمّا بعد: فقد سألني بعض الإخوان الواجب حقُّهم أن أذكر له بعض ما عندي مِن علم الأحاديث الأربعين المنسوبة إلى القاضي أبي نصر بن ودعان الموصلي، فقلتُ -وبالله التوفيق-:
إنّ هذه الأحاديث لا يصحُّ منها حديثٌ واحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا النسق بهذه الأسانيد المذكورة فيها، وإنّما يصحُّ منها ألفاظ يسيرة بأسانيد معروفة يُحتاج في تمييزها إلى نوعٍ من التتبُّع والتفرُّغ لذلك. وقد اشتهرت هذه الأربعون عن ابن ودعان، وهي مسروقة سرقها ابن ودعان مِن الذي وضعها أولًا، وهو زيد بن رفاعة الهاشمي، ويقال إنّه الذي وضع رسائل إخوان الصفا (?)، وكان مِن أجهل خلقِ الله تعالى بعلم الحديث وأقلِّهم حياءً وأجرئهم على الكذب، فإنّه وضع عامّتها على أسانيد صحاح مشهورة بين أهل الحديث، يعرفها الخاصُّ منهم والعام، فكان ذلك أبلغ في هتك ستره وبيان عواره (?). ثمّ سرقها منه ابن ودعان فركّب لها أسانيد بينه وبين المشايخ الذين زعم الهاشمي أنّه روى عنهم، فتارة يروي عن رجل عن الشيخ الذي روى (?)