مَرَّ أَنَّ مِنْ الْكَبَائِرِ مَنْعَ فَضْلِ الْمَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ.
الْبِنَاءُ بِعَرَفَةَ أَوْ مُزْدَلِفَةَ أَوْ مِنًى عِنْدَ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِهِ وَذِكْرُ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ مِنْ غَصْبِ الْأَرْضِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ، وَمَا مَرَّ فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ، فَيَأْتِي ذَلِكَ كُلُّهُ فِيمَنْ فَعَلَ هَذَا مُعْتَقِدًا لِتَحْرِيمِهِ.
مَنْعُ النَّاسِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ لَهُمْ عَلَى الْعُمُومِ أَوْ الْخُصُوصِ كَالْأَرْضِ الْمَيْتَةِ الَّتِي يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ إحْيَاؤُهَا، وَكَالشَّوَارِعِ وَالْمَسَاجِدِ وَالرُّبُطِ وَالْمَعَادِنِ الْبَاطِنَةِ أَوْ الظَّاهِرَةِ فَمَنْعُ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ عَنْ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الْجَائِزِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَبِيرَةً لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْغَصْبِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ مُنِعَ الْإِنْسَانُ مِنْ مِلْكِهِ إذْ اسْتِحْقَاقُهُ لِلِانْتِفَاعِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَاسْتِحْقَاقِهِ لِلِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ. فَكَمَا أَنَّ مَنْعَ الْمِلْكِ كَبِيرَةٌ فَكَذَا مَنْعُ هَذَا.
إكْرَاءُ شَيْءٍ مِنْ الشَّارِعِ وَأَخْذُ أُجْرَتِهِ وَإِنْ كَانَ حَرِيمَ مِلْكِهِ أَوْ دُكَّانَهُ
وَعَدُّ هَذَا كَبِيرَةً هُوَ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا فِي هَذَا الْبَابِ حَيْثُ قَالُوا إنَّهُ فِسْقٌ وَضَلَالٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا يَفْعَلُهُ وُكَلَاءُ بَيْتِ الْمَالِ فِي الشَّوَارِعِ مِنْ نَحْوِ أَخْذِ أَجْرِهِ مِنْ الْجَالِسِينَ فِيهَا: لَا أَدْرِي بِأَيِّ وَجْهٍ يَلْقَى اللَّهَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَاءٍ مُبَاحٍ وَمَنْعُهُ ابْنَ السَّبِيلِ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِفَلَاةٍ يَمْنَعُهُ ابْنَ السَّبِيلِ» . الْحَدِيثَ، وَقَدْ مَرَّ وَيَأْتِي.