تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ لَمْ أَرَهُ لَكِنْ صَرِيحُ مَا فِي الْأَثَرِ الْأَوَّلِ وَمَا بَعْدَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ الْأَثَرَ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ، وَمَا جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ إذْ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي بَعْدَهُ مِنْهَا مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُشِيرٌ إلَى ذَلِكَ. إذْ غَضَبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَدَمُ رَدِّهِ السَّلَامَ وَعَدَمُ رِضَاهُ إلَّا بِالْهَدْمِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ، لَكِنْ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْته فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ إنْ قُصِدَ بِهِ الْخُيَلَاءُ أَوْ نَحْوُهُ وَكَذَا التَّعْبِيرُ بِالْوَبَالِ وَالْهَوَانِ وَالشَّرِّ كُلُّهُ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ.
(تَغْيِيرُ مَنَارِ الْأَرْضِ) أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ «عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ: حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، قُلْت: مَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ» ، وَالْمُرَادُ بِهِ عَلَامَاتُ حُدُودِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيثُ الْآتِي فِي اللِّوَاطِ، وَلَفْظُهُ: «مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ حُدُودَ الْأَرْضِ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ هُوَ صَرِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَبِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ فِيهِ أَكْلَ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ أَوْ إيذَاءَ الْمُسْلِمِينَ الْإِيذَاءَ الشَّدِيدَ أَوْ التَّسَبُّبَ إلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَلِلْوَسَائِلِ حُكْمُ الْمَقَاصِدِ، فَشَمَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَوْ الْأَجَانِبِ وَمَنْ تَسَبَّبَ إلَى ذَلِكَ كَأَنْ اتَّخَذَ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ مَمْشًى يَصِيرُ بِسُلُوكِهِ طَرِيقًا وَإِلَّا جَازَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَقَدْ وَقَعَ لِلْقَفَّالِ مِنْ أَئِمَّتِنَا أَنَّهُ كَانَ رَاكِبًا بِجَانِبِ مَلِكٍ وَبِالْجَانِبِ الْآخَرِ إمَامٌ حَنَفِيٌّ فَضَاقَتْ الطَّرِيقُ فَسَلَكَ الْقَفَّالُ غَيْرَهَا، فَقَالَ الْحَنَفِيُّ لِلْمَلِكِ: سَلْ الشَّيْخَ أَيَجُوزُ سُلُوكُ أَرْضِ الْغَيْرِ؟ فَسَأَلَهُ الْمَلِكُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إذَا لَمْ تَصِرْ بِهِ طَرِيقًا أَيْ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا نَحْوُ زَرْعٍ يَضُرُّهُ السُّلُوكُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(إضْلَالُ الْأَعْمَى عَنْ الطَّرِيقِ)
رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لُعِنَ مَنْ أَضَلَّ أَعْمَى عَنْ الطَّرِيقِ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً هُوَ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِمَّا ذَكَرْته لِمَا مَرَّ أَنَّ اللَّعْنَ مِنْ عَلَامَاتِ الْكَبِيرَةِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي إيذَاءِ النَّاسِ الْإِيذَاءَ الْبَلِيغَ