الصِّرَاطُ قَالَ لَهُ مَالُهُ وَيْلَك أَلَا أَدَّيْتَ حَقَّ اللَّهِ فِي، فَمَا يَزَالُ ذَلِكَ حَتَّى يَدْعُوَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ» .
وَأَرْسَلَ عُمَرُ إلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ زَيْنَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِعَطَائِهَا فَقَسَمَتْهُ كُلَّهُ لِوَقْتِهِ فِي أَرْحَامِهَا وَأَيْتَامِهَا وَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا يُدْرِكُنِي عَطَاءُ عُمَرَ بَعْدَ عَامِي هَذَا فَكَانَتْ أَوَّلَ نِسَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لُحُوقًا بِهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: وَاَللَّهِ مَا أَعَزَّ الدَّرَاهِمَ أَحَدٌ إلَّا أَذَلَّهُ اللَّهُ - تَعَالَى -، وَقِيلَ: أَوَّلُ مَا ضُرِبَتْ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ رَفَعَهُمَا إبْلِيسُ إلَى جَبْهَتِهِ وَقَبَّلَهُمَا وَقَالَ مَنْ أَحَبَّكُمَا فَهُوَ عَبْدِي حَقًّا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُمَا أَزِمَّةُ الْمُنَافِقِينَ يُقَادُونَ بِهَا إلَى النَّارِ. وَقَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: الدِّرْهَمُ عَقْرَبٌ فَإِنْ أَخَذْتَهُ بِغَيْرِ رُقْيَةٍ قَتَلَك بِسُمِّهِ، قِيلَ مَا رُقْيَتُهُ؟ قَالَ أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْ حِلِّهِ وَتَضَعَهُ فِي حَقِّهِ.
وَلَمَّا قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِمَرَضِهِ تَرَكْتَ أَوْلَادَك الثَّلَاثَةَ عَشَرَ فُقَرَاءَ لَا دِينَارَ لَهُمْ وَلَا دِرْهَمَ، قَالَ لَمْ أَمْنَعْهُمْ حَقًّا لَهُمْ وَلَمْ أُعْطِهِمْ حَقًّا لِغَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا وَلَدِي أَحَدُ رَجُلَيْنِ إمَّا مُطِيعٌ لِلَّهِ فَاَللَّهُ يَكْفِيهِ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ، وَإِمَّا عَاصٍ لِلَّهِ فَلَا أُبَالِي عَلَامَ وَقَعَ. وَقِيلَ لِمَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ الْكَثِيرَ: لَوْ ادَّخَرْته لِوَلَدِك؟ فَقَالَ بَلْ أَدَّخِرُهُ لِنَفْسِي عِنْدَ رَبِّي وَأَدَّخِرُ رَبِّي لِوَلَدِي. وَقَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: مُصِيبَتَانِ لَمْ يَسْمَعْ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ بِمِثْلِهِمَا تُصِيبَانِ الْعَبْدَ عِنْدَ مَوْتِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَالُهُ كُلُّهُ وَيُسْأَلُ عَنْهُ كُلِّهِ.
(شُحُّ الدَّائِنِ عَلَى مَدِينِهِ الْمُعْسِرِ مَعَ عِلْمِهِ بِإِعْسَارِهِ بِالْمُلَازَمَةِ أَوْ الْحَبْسِ) أَخْرَجَ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَقُولُ هَكَذَا وَأَوْمَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِيَدِهِ إلَى الْأَرْضِ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ: أَيْ حَطَّ عَنْهُ دَيْنَهُ أَوْ بَعْضَهُ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ، وَقَاهُ اللَّهُ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» .
وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْهُ قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسْجِدَ وَهُوَ يَقُولُ: أَيُّكُمْ يَسُرُّهُ أَنْ يَقِيَهُ اللَّهُ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ؟ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّنَا يَسُرُّهُ أَنْ يَقِيَهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -، قَالَ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ وَقَاهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» . أَوْ فِي حَدِيثٍ حَسَنٍ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ غَرِيمِهِ أَوْ مَحَا عَنْهُ كَانَ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .