وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْخَطِيبُ: «الْبُخْلُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ فِي فَارِسَ وَوَاحِدٌ فِي سَائِرِ النَّاسِ» .
وَالْخَطِيبُ: «يَقُولُونَ أَوْ يَقُولُ قَائِلُكُمْ: الشَّحِيحُ أَغْدَرُ مِنْ الظَّالِمِ وَأَيُّ ظُلْمٍ أَظْلَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الشُّحِّ، يَحْلِفُ اللَّهُ - تَعَالَى - بِعِزَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْجَنَّةَ شَحِيحٌ وَلَا بَخِيلٌ» .
وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ: «خَلَقَ اللَّهُ اللُّؤْمَ فَحَفَّهُ بِالْبُخْلِ وَالْمَالِ» .
وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادٌ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ: «لَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالْإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا» . وَابْنُ عَدِيٍّ: «لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَالْبُخْلُ فِي قَلْبِ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ أَبَدًا» .
وَالدَّيْلَمِيُّ: «يَا ابْنَ آدَمَ كُنْت بَخِيلًا مَا دُمْت حَيًّا فَلَمَّا حَضَرَتْك الْوَفَاةُ عَمَدْت إلَى مَالِكَ تُبَدِّدُهُ فَلَا تَجْمَعْ خَصْلَتَيْنِ إسَاءَةً فِي الْحَيَاةِ وَإِسَاءَةً عِنْدَ الْمَوْتِ اُنْظُرْ إلَى قَرَابَتِك الَّذِينَ يُحْرَمُونَ وَلَا يَرِثُونَ فَأَوْصِ لَهُمْ بِمَعْرُوفٍ» .
تَنْبِيهَاتٌ: مِنْهَا: عَدُّ مَنْعِ الزَّكَاةِ كَبِيرَةً هُوَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ لِمَا عَلِمْت مَا فِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ ذَلِكَ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْعِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ تَقْيِيدُهُ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ. قِيلَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي هُنَا لَكِنَّهُ تَحْدِيدٌ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ. انْتَهَى.
وَأَقُولُ: لَوْ سَلَّمْنَا مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ الْغَصْبِ لَا نَقُولُ بِهِ هُنَا لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُفَوَّضَةٌ إلَى الْمَالِكِ، فَلَوْ سُومِحَ فِي مَنْعِ الْبَعْضِ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ كَبِيرَةٍ أَدَّاهُ ذَلِكَ إلَى مَنْعِ الْكُلِّ كَمَا قَالُوهُ فِي أَنَّ شُرْبَ قَطْرَةٍ مِنْ الْخَمْرِ كَبِيرَةٌ مَعَ تَحَقُّقِ عَدَمِ الْإِسْكَارِ فِيهَا، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ قَلِيلَهَا يُؤَدِّي إلَى كَثِيرِهَا فَفُطِمَ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْمَالُ إذْ مَحَبَّةُ النَّفْسِ لِتَكْثِيرِهِ تَدْعُو إلَى أَنَّهُ لَوْ سُهِّلَ لَهَا فِي قَلِيلِهِ اتَّخَذَتْهُ ذَرِيعَةً إلَى مَنْعِ كَثِيرِهِ.
فَاتَّضَحَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ مَنْعِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَأَمَّا عَدُّ تَأْخِيرِهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا بِشَرْطِهِ فَهُوَ صَرِيحُ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَأَبُو يَعْلَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: «إنَّ لَاوِيَ الصَّدَقَةِ» أَيْ مُؤَخِّرَهَا «مِنْ جُمْلَةِ الْمَلْعُونِينَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ بَعْضُهُمْ بِعَدِّهِ كَبِيرَةً.