جلب المصالح، وأن ما كانت مفسدته أعظم من مصلحته فإن الشريعة جاءت بتحريمه، كل ذلك وأكثر من ذلك ذكرته في كتابي مبسطًا وموضحًا، وسميته (الزواج بنية الطلاق).

وقد بذلت في هذا البحث جهدًا رجعت فيه إلى كتاب الله تعالى، وسنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقوال السلف، وعرضته على مقاصد الشريعة في الزواج، فتبين لي أن الزواج شرع لمقاصد عظيمة منها: إعفاف وتحصين كل من الزوجين، ولا يكون الإعفاف إلا بالاستدامة، أما زواج لفترة كزواج المتعة أو الزواج بنية الطلاق ونحو ذلك، فإنه لا يحصل به إعفاف. ومنها حصول الولد، وكثرة النسل لمباهاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهم الأنبياء، ولا تحصل الذرية بزواج بنية الطلاق كما هو الواقع المر الأليم. ومنها السكن وترابط الأسر وقوتها، والزواج بنية الطلاق لا يحصل به سكن ولا ترابط للأسر. كما أن أولياء المرأة متى عرفوا عن الزوج هذه النية فإنهم سيمقتونه، ويعادونه، وربما انتقموا لأنفسهم، إلى غير ذلك مما سأذكره مفصلاً من مقاصد الشرع في الزواج الحقيقي.

وقد خرجت الطبعة الأولى في وقت كبرت فيه هذه الفتنة وانتشرت وأصبحت حديث السُّمَّار في المجالس، فكان لخروج الكتاب أعظم الأثر حيث جعل العلماء والمنتسبين إلى العلم ينظرون في هذه المسألة، فكان منهم المؤيد للتحريم والمجوز لهذا الزواج، فصار الناس في بلبلة وحيرة من حكم هذا الزواج، وقد ظهرت أثناء ذلك كثير من السلبيات التي ذكرتها في كتابي، وحينئذ أشار علي بعض الأخوة بإعادة طباعته مرة أخرى، فرأيت أن ذلك متعين علي، لا سيما وقد أفتى بعض المنتسبين إلى العلم بجوازه وأورد كثيرًا من الشبه والأدلة التي لا تصح.

لذا جاءت هذه الطبعة الثانية من واقع المجتمع الذي يعيش كثير من شبابه وكهوله وشيبه هذه الفتنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015