الزهره (صفحة 60)

مخافةَ بينٍ لا تلاقيَ بعدهُ ... وشحطِ النَّوى بعدَ الزِّيارةِ والقربِ

وقال آخر:

ظللتُ كأنِّي خشيةَ البينِ إذْ جرَى ... أخُو جنَّةٍ لا يستبلُّ صريعُها

إذا العينُ أفنتْ عبرةً مِنْ سجامِها ... بكتْها بأُخرى تستهلُّ دموعُها

وقال آخر:

خليليَّ مِنْ عُليَا هوازنَ لم أجدْ ... لنفسيَ مِنْ شحطِ النَّوى مَنْ يجيرُها

غداً تمطرُ العينانِ مِنْ لوعةِ الهوَى ... ويبدُو منَ النَّفسِ الكتومِ ضميرُها

أيصبرُ عندَ البينِ قلبكَ أمْ لهُ ... غداً طيرةٌ لا يدَّ أنْ سيَطيرُها

وقال الطائي:

يا بُعدَ غايةِ دمعِ العينِ إنْ بعُدوا ... هي الصَّبابةُ طولَ الدَّهرِ والسَّهدُ

قالُوا الرَّحيلُ غداً لا شكَّ قلتُ لهمْ ... اليومَ أيقنتُ أنَّ اسمَ الحِمامِ غدُ

وقال أبو نواس:

طرحتم منَ التَّرحالِ أمراً فغمَّنا ... فلو قدْ فعلتمْ صبَّحَ الموتُ بعضَنا

زعمتم بأنَّ النَّأيَ يحزنُكمْ نعمْ ... سيحزنُكمْ عِلمي ولا مثلَ حُزننا

تعالُوا نُقارعكمْ ليثبتَ عندنا ... مَنَ اشجَى قلوباً أوْ مَنَ اسخنَ أعيُنا

أطالَ قصيرُ اللَّيلِ يا رحمُ عندكمْ ... فإنَّ قصيرَ اللَّيلِ قد طالَ عندَنا

ولا يعرفُ اللَّيلَ الطَّويلَ وكربهُ ... منَ النَّاسِ إلاَّ مَنْ ينجِّمُ أوْ أنا

وقال العرجي:

ما زلتُ من روعةِ البَينِ الَّذي ذكروا ... أُذري الدُّموعَ ومنِّي يُحفزُ النَّفسُ

كأنَّني حازمٌ باللَّيلِ مُرتهنٌ ... ساهي الفؤادِ وعليهِ الأمرُ مُلتبسُ

وله أيضاً:

غداً فاعلمي أنِّي أشدُّ صبابةً ... وأحسنُ عندَ البينِ من غيرنا عهدا

نُقطِّعُ إلاَّ بالكتابِ عتابَنا ... سوى ذكرةٍ لا أستطيعُ لها ردَّا

فقالتْ وأذرتْ دمعَها لا بعدْتمُ ... يعزُّ علينا أن نرى لكمُ فقدا

غداً يكثرُ الباكونَ منَّا ومنكمُ ... وتزدادُ داري من دياركمُ بُعدا

وله أيضاً:

بلِّغْ قريبةَ أنَّ البينَ قدْ أفِدا ... وأنَّنا إن سلِمنا رائحونَ غدا

كمْ بالحجازِ وإن كنَّا نُكاثرهُمْ ... منَ الدُّموعِ ودَدْنا لا نرى أبدا

وماتَ وجداً علينا ما يبوحُ بهِ ... يُحصي اللَّيالي إذا غِبنا لنا عددا

يا ليلةَ السَّبتِ قد زوَّدْتني سقماً ... حتَّى المماتِ وحزناً صدَّعَ الكبدا

وقال غيره:

فراقُكَ في غدٍ وغداً قريبُ ... فوا كبدا من البينِ القريبِ

فيا صدرَ النَّهارِ إليكَ عنِّي ... ويا شمسَ الأصائلِ لا تغيبي

وقال آخر:

خليلي غداً لا شكَّ فيهِ مودِّعٌ ... فوالله ما أدري بهِ كيفَ أصنعُ

فإنْ لم أشيِّعْهُ تقطَّعتُ حسرةً ... ووا كبدا إن كنتُ فيمنْ أُشيِّعُ

فيا يومُ لا أدْبرتَ هلْ لكَ محبسٌ ... ويا غدُ لا أقبلتَ هلْ لكَ مدفعُ

وقال آخر:

يا صاحبيَّ منَ الملامِ دعاني ... إنَّ البليَّة فوقَ ما تصفانِ

زعمَتْ بُثينةُ أنَّ رِحلتها غدا ... لا مرحباً بغدٍ فقدْ أبكاني

وقال أشجع السلمي:

غداً يتفرَّقُ أهلُ الهوَى ... ويكثرُ باكٍ ومُسترجعُ

وتختلفُ الدَّارُ بالظَّاعنينَ ... فنوناً تشتُّ فلا تُجمعُ

وتبقى الطُّلولُ ويفنى الهوَى ... ويصنعُ ذو الشَّوقِ ما يصنعُ

فأنتَ تُبكِّي وهُمْ جيرةٌ ... فكيفَ تكونُ إذا ودَّعوا

وقال ذو الرمة:

وقد كنتُ أبكي والنَّوى مُطمئنَّةٌ ... مُحاذرة من علمِ ما البينُ صانعُ

وأُشفقُ من هجرانكُمْ وتشفُّني ... مخافةُ وشكِ البينِ والشَّملُ جامعُ

وأهجركُمْ هجرَ البغيضِ وحبُّكمْ ... علَى كبدي منه شؤونٌ صوادعُ

وقال آخر:

أخافُ الفِراقَ فأشتاقكُمْ ... كأنَّا افترقنا ولم نفترقْ

فلا نبرحُ الدَّهرَ أوْ نشتفي ... وهلْ يشتفي أبداً من عشِقْ

وقال العرجي:

فما أنسَ مِ الأشياءِ لا أنسَ موقفاً ... لنا ولها بالسَّفحِ دونَ ثبيرِ

ولا قولها وهْناً وقد بلَّ جيبَها ... سوابقُ دمعٍ ما يجفُّ غزيرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015