الزهره (صفحة 118)

عمرُ الفتَى في كلِّ لذَّاتهِ ... فإنْ نأتْ عنهُ فلا عمرُ

وقال محمد العلوي:

أبقى الهوَى منهُ جسماً كالهواءِ ضنًى ... لقدْ تنسَّمَ منهُ وهوَ مفؤودُ

أنستُ بالذِّكرِ منها والسُّهادِ لهُ ... أعجبْ بهِ من مسيءٍ وهو مورودُ

وقال قيس بن الملوح:

فأنتِ الَّتي إنْ شئتِ أشقيتِ عيشتي ... وإنْ شئتِ بعدَ اللهِ أنعمتِ باليا

وأنتِ الَّتي ما من صديقٍ ولا عدًى ... رأى نضْوَ ما أبقيت إلاَّ رثى ليا

وقال البحتري:

ألا هلْ أتاها بالمغيبِ سلامي ... وهل خبرَتْ وجدي بها وغرامي

وهلْ علمتْ أنِّي ضنيتُ وأنَّها ... شفائيَ من داءِ الضَّنى وسقامي

فداؤُكِ ما أبقيتِ منِّي فإنَّهُ ... حُشاشةُ جسمٍ في نحولِ عظامي

وقال ماني:

ها أنا ذا يُسقطني للبِلى ... عن فرشتي أنفاسُ عوَّادي

لو يحسدُ السِّلكُ علَى دقَّةٍ ... حقّاً لأمسى بعضَ حسَّادي

وقال أيضاً:

ومُدنفٍ زادَ في النُّحولِ منِ ال ... وجدِ إلى مثلِ دقَّةِ الألِفِ

يشاركُ الطَّيرَ في النَّحيبِ ولا ... يشركهُ في النُّحولِ والقصفِ

وقال أيضاً:

أما ترَيْني ناحلَ الجسمِ ... أصيرُ من همٍّ إلى همِّ

أُنقلُ من ثوبٍ إلى دونهِ ... حتَّى كأنِّي بدنُ الكُمِّ

ولقد أحسن الَّذي يقول:

غابوا فأضحى بدني بعدهُمْ ... لا تبصرُ العينُ لهُ فيَّا

بادى وجه إتلافهِمْ ... إذا رأوْني بعدهُمْ حيَّا

واخَجلتا منهمْ ومن قولهمْ ... ما ضرَّكَ الفقدُ لنا شيَّا

وقال آخر:

شِعْرُ ميتٍ أتاكَ عن لفظِ حيٍّ ... صارَ بينَ الحياةِ والموتِ وقْفا

قد برتْهُ حوادثُ الدَّهرِ حتَّى ... كادَ عن أعينِ الحوادثِ يخفى

وقال عمر بن أبي ربيعة:

إرحمي مُغرماً بحبِّكِ لاقى ... من جوى الحبِّ والصَّبابةِ جهدا

قد براهُ وشفَّهُ الحبُّ حتَّى ... صارَ ممَّا بهِ عظاماً وجِلدا

وأنشدني بعض الأدباء:

لم يبقَ إلاَّ نفسٌ خافتُ ... ومقلةٌ إنسانُها باهتُ

ومغرمٌ توقدُ أحشاؤهُ ... بالنَّارِ إلاَّ أنَّهُ ساكتُ

لم يبقَ في أعضالهِ مفصلٌ ... إلاَّ وفيهِ سقمٌ ثابتُ

ولبعض أهل هذا العصر:

يُعيِّرني الواشي بأنْ لستُ مُدْنفاً ... كما هو من فرطِ الصَّبابةِ مدنفُ

فيا كاشحاً قد جاءَ في زيِّ ناصحٍ ... تشاغلْ بغيري لستُ ممَّنْ يُعرَّفُ

ولا تلحَني فيمنْ أحبُّ فإنَّني ... أضنُّ به ممَّا تظنُّ وأشغفُ

سلوهُ فإنِّي لا أكلِّمُ واشياً ... أيدْري بمنْ يلحي وفيمنْ يُعنِّفُ

وقال مجنون بني عامر:

يا دارَ ليلَى بسقْطِ الحيِّ قد دُرستْ ... إلاَّ الثُّمامُ وإلاَّ موقدُ النَّارِ

أبلى عظامكَ بعدَ اللَّحمِ ذكرهُما ... كما تتبَّعَ قِدحَ الشَّوحطِ الباري

فبين صاحب هذا الكلام وصاحب الكلام الَّذي قبله بوْنٌ بعيدٌ وتفاوتٌ شديدٌ ويزعم أنَّ تزايد الحال توجب له نفي الهزال وهذا لم يرض لنفسه بنحول اللَّحم حتَّى أضاف إليه نحول العظم.

ولبعض أهل هذا العصر:

أهيمُ بذكرِ الكرخِ منِّي صبابةً ... وما بيَ إلاَّ حبُّ من حلَّ بالكرخِ

تجرَّعْتُ كأساً من صدودِ محمَّدٍ ... فقدْ أوهنَتْ عظمي وجازتْ علَى المُخِّ

فلستُ أُبالي بالرَّدى بعد فقدهِ ... وهل يجزعُ المذبوحُ من ألمِ السَّلخِ

وقال آخر:

قالتْ ظلومُ سميَّةُ الظُّلمِ ... إنِّي رأيتُكَ ناحلَ الجسمِ

يا من رمى قلبي فأقصدهُ ... أنتَ الخبيرُ بموضعِ السَّهمِ

وقال أبو العتاهية:

أخِلاَّيَ بي شجوٌ وليسَ بكمْ شجوُ ... وكلُّ امرئٍ ممَّا بصاحبهِ خِلْوُ

رأيتُ الهوَى جمرَ الغضا غيرَ أنَّهُ ... علَى كلِّ حالٍ عندَ صاحبهِ حلوُ

وقال جرير:

أتنسى يومَ حوْمَلَ والدَّخولِ ... وموقفنا علَى الطَّللِ المحيلِ

وقالتْ قد نحلْتَ وشبْتَ بعدي ... بحقِّ الشَّيبِ بعدكِ والنُّحولِ

وقال آخر:

تقولُ وقد كتبتُ دقيقَ خطِّي ... إليها لم تجنَّبْتَ الجليلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015