الزهره (صفحة 102)

وزرقاً بالجفيرِ مُنشَّباتٍ ... وشوحطةً ترنُّ ومشرفيَّا

فكلَّفنا سُراها أن رحلنا ... وأحثثنا الأميرَ العامريَّا

وأنشدني أعرابي ببلاد نجد:

ألا طرقَتْ جمْلٌ وبيني وبينها ... مهامِهُ أمْراتٌ وداويةٌ قفرُ

فقلتُ لها كيفَ اهتديْتِ لصاحبٍ ... ونضوٍ طواهُ السَّيرُ مَمْساهما وعرُ

فقالتْ أمنْتَ الدَّهرَ ألاَّ تُحبَّني ... فقلتُ عداني النَّأيُ والأعينُ الخزرُ

علَى أنِّني أهواكِ ما هبَّتِ الصَّبا ... وما سكنتْ سلمى وأكنافها العفرُ

وما هتفتْ يوماً لإلفٍ حمامةٌ ... علَى بانةٍ أفنانها عطَّفٌ خضرُ

فدوميَ علَى العهدِ الَّذي كانَ بيننا ... فما يُبتغى منِّي ولا منكِ لي عذرُ

وقال الحسين بن الضحاك:

سقياً لزورٍ منْ طيفِ مُحتجبٍ ... عاتبتهُ في المنامِ فاعتذرا

فزالَ حقدُ الضَّميرِ عنْ سكنٍ ... يُسخطني رائحاً ومُبتكرا

رضيتُ من عذرِ منْ أقامَ علَى الذَّنْ ... بِ بطيفٍ ألمَّ مُعتذرا

وقال الرقاد بن المنذر الضبي:

ألا طرقَتْ أسماءُ واللَّيلُ دامسٌ ... فأحببْ بها من طارقٍ حينَ يطرقُ

وما طرقَتْ إلاَّ لتُحدثَ ذكرةً ... وتُحكمَ وصلاً بيننا كادَ يخلقُ

وقال أبو تمام الطائي:

عادكَ الزَّورُ ليلةَ الرَّملِ منْ رمْ ... لةَ بينَ الحمى وبينَ المطالي

قمْ فما زاركَ الخيالُ ولك ... نَّكَ بالفكرِ زُرتَ طيفَ الخيالِ

وقال البحتري:

وليلةَ هوَّمنا علَى العيسِ أرسلتْ ... بطيفِ خيالٍ يشبهُ الحقَّ باطلُهْ

فلولا بياضُ الصُّبحِ طالَ تشبُّثي ... بعِطفيْ غزالٍ بتُّ وهناً أُغازلُهْ

وكم من يدٍ للَّيلِ عندي حميدةٍ ... وللصُّبحِ من خطبٍ تذمُّ غوائلُهْ

وقال أيضاً:

مثالُكَ من طيفِ الخيالِ المعاودِ ... ألمَّ بنا من أُفقهُ المُتباعدِ

يُحيِّي هجوداً ميِّتينَ منَ الكرى ... وما نفعُ إهداءِ السَّلامِ لهاجدِ

وقال أيضاً:

إذا نسيتُ هوى ليلَى أشادَ بهِ ... طيفٌ سرى في سوادِ اللَّيلِ إذْ جنحا

دنا إليَّ علَى بعدٍ فأرَّقني ... حتَّى تبلَّجَ وجهُ الصُّبحِ فاتَّضحا

عجبْتُ منهُ تخطَّى القاعَ من إضَمٍ ... وجاوزَ الرَّملَ من خبتٍ وما برحا

وقال أبو تمام:

إسْتَزارتْهُ فكرتي في المنامِ ... فأتاني في خفيةٍ واكتتامِ

فاللَّيالي أحفى بقلبي إذا ما ... جرحتْهُ النَّوى من الأيَّامِ

يا لها ليلةً تنزَّهتِ الأرْ ... واحُ فيها سرّاً منَ الأجسامِ

مجلسٌ لم يكنْ لنا فيهِ عيبٌ ... غيرَ أنَّا في دعوةِ الأحلامِ

وقال عمر بن ربيعة المرقش:

أمِنْ بنتِ عجلانَ الخيالُ المبرِّحُ ... ألمَّ ورحْلي ساقطٌ مُتزحزحُ

فلمَّا انتبهنا بالخيالِ وراعني ... إذا هوَ رحلي والبلادُ توضَّحُ

ولكنَّهُ زَوْرٌ يوقِّظُ نائماً ... ويحدثُ أشجاناً بقلبكَ تجرحُ

بكلِّ مبيتٍ يعترينا ومنزلٍ ... فلوْ أنَّها إذْ تدلجُ اللَّيل تصبحُ

فولَّتْ وقد بثَّتْ تباريحَ ما ترى ... ووجدي بها من قبلِ ذلك أبرحُ

وقال عبادة الطائي:

أما وهواكَ حِلفةَ ذي اجتهادِ ... يعدُّ الغيَّ فيكِ منَ الرَّشادِ

لقدْ أذكى فراقُكِ نارَ وجدي ... وعرَّفَ بينَ عيني والسُّهادِ

وما ناديتني للشَّوقِ إلاَّ ... عجلتُ بهِ فلبَّيْتُ المنادي

وهجرُ القربِ منها كانَ أشهى ... إلى المشتاقِ من وصلِ البعادِ

وقال أيضاً:

وإنِّي وإنْ ضنَّتْ عليَّ بودِّها ... لأرتاحُ منها للخيالِ المؤرِّقِ

يعزُّ علَى الواشينَ لو يعلمونها ... ليالٍ لنا نزدارُ فيها ونلتقي

فكمْ غلَّةٍ للشَّوقِ أطفأتُ حرَّها ... بطيفٍ متى يطرقْ دجى اللَّيل يطرُقِ

أضمُّ عليهِ جفنَ عيني تعلُّقاً ... بهِ عندَ إجلاءِ النُّعاسِ المرفِّقِ

وقال أيضاً:

دعا عبرتي تجري علَى الجورِ والقصدِ ... أظنُّ نسيماً قارفَ الهجرَ من بعدي

خلا ناظري من طيفهِ بعدَ شخصهِ ... فيا عجباً للدَّهرِ فقداً علَى فقدِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015