ثم إن بني نهشل كلموا المنذر بن ماء السماء في أن يطلب الغلمة من لقيط بن زرارة، فقال لهم: نحوا عني وجوهكم. ثم أمر بطعام وشراب، وجلس مع لقيط، فأكلا وشربا حتى أخذت فيهما الخمر، ثم قال المنذر للقيط: يا خير الفتيان ما تقول (250) في رجل اختارك الليلة [من بين] (?) ندامى مضر؟ قال: أقول إنه لا يسألني شيئاً إلا أعطيته، غير الغلمة. قال: وما الغلمة؟ أما إذا استثنيت فلست قابلاً منك شيئاً حتى تعطيني كلَّ الذي أسأل. قال: فذاك لك. قال: فإني أسألك الغلمة، فهبهم لي. قال: سلني غيرهم. قال: ما أسأل غيرهم. فأمر بإحضارهم فأُحضروا، ودفعهم إلى المنذر. فلما خرج من عنده لامه قومه وعذلوه (?) فقال للمنذر:

(إنّكَ لو غَطَّيْتَ أرجاء هُوَةٍ ... مغمَّسةٍ لا يُستبانُ تُرابُها)

(بثوبِكَ في الظلماءِ ثم دعوتني ... لجئتُ إليها سادراً لا أهابُها)

(فأصبحت مغضوباً علي مُلوّماً ... كأنْ نُضّيَتْ عن حائض لي ثيابُها)

معناه: تَدَنَّت (?) عندهم بإعطائك الغلمة، فكأنما لبست ثياب حائض، نُزعت ثيابها عنها، لألبسها. والمغمسة: المغطّاة.

ثم إنّ المنذر أحضر الغلمة، وقد مات ضمرة، وكان يتصل به عن شقة ما يعجبه ويستحسنه، فلما وقف بين يديه، اقتحمته عينه فقال: تسمع بالمعيدي لا أن تراه (?) ، فقال له شِقّة: أبيتَ اللعنَ، أَسْعَدَكَ إلهُكَ، إنَّ القومَ ليسوا بجُزُرِ، 205 / أإنما يعيش المرء بأصغريه، بقلبِه ولسانه. فأعجب المنذر كلامه، / واستحسنه، وسماه باسم أبيه ضمرة، فهو ضمرة بن ضمرة. وذهب قوله: إنما يعيش المرء بأصغريه، مَثَلاً.

قال ابن الأعرابي: يضرب عند الرجل ذي المخبر ولا منظر له. وأخذ هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015