(342) 192 / أ / 206
قال أبو بكر: قال اللغويون: الصواب وما تتكلم به العرب: يُصيبُ وما يدري، ويخطىء ما درى، أي: ما ختل، من قولهم: دريت الظباء أدريها دَرْياً: إذا ختلتها. ومن هذا قولهم: قد داريت الرجل (343) : إذا لاينته وختلته، أُداريه مداراة: أنشدنا أبو العباس:
(فإنْ كنتُ لا أدري الظباءَ فإنّني ... أَدُسُّ لها تحتَ التراب الدواهيا) (344)
وقال الآخر (345) :
(فإن كنت قد أقصدتِني أو رمَيْتني ... بسهمِكِ فالرامي يُصيبُ وما يدري)
ويقال: دارأت الرجل: إذا دافعته ونازعته. وقد تدارَؤا تدارؤاً، وادَّارؤا: إذا اختلفوا وتنازعوا. قال الله تبارك وتعالى: {وإذْ قتلتُمْ نَفْساً فادَّارأْتُم فيها} (346) . وقالت الحكماء: (لا تتعلموا العلم لثلاث، ولا تتركوه لثلاث: لا تتعلموه للتداري، ولا للتماري، ولا للتباهي؛ ولا تدعوه رغبة عنه، ولا رضا بالجهل منه، ولا استحياء من التعلم له) (347) . فالتداري هو التنازع والتدافع. والأصل فيه: للتدارىء، فتُرك الهمز، ونُقل الحرف إلى التشبيه بالتقاضي والتداعي.
ويقال: قد دريت الشيء أدريه: إذا عرفته. وأدريته غيري: إذا أعلمته. قال الله تبارك وتعالى: {وما أدْراك ما الحُطَمَةُ} (248) . فتأويله: أيّ شيء أعلمك ما (207) الحطمة؟