قال أبو عمرو الشيباني: فأخبرني أبو برزة (220) أن امرأ القيس مر في طريقه ببكر بن وائل (221) ، فضرب / قبابة فيهم، وقال: يا معشر بكر بن وائل، أما فيكم 185 / أشاعر؟ قالوا: بلى، شيخ من بني قيس بن ثعلبة، فسألهم أن يأتوه به ينشده، فجاءوا به، فاستنشده، فأنشده، فأعجب به، وقال له: اصحبني في طريقي إلى قيصر، فأجابه. فلما صعدا الدرب، وأوغلا في بلاد الروم، بكى عمرو بن قميئة، (183) فقال امرؤ القيس (222) :

(بكى صاحبي لما رأى الدرب دونَهُ ... وأيقنَ أنَّا لاحقانِ بقَيْصَرا)

(فقلتُ له لا تبكِ عينُك إنّما ... نُحاولُ ملكاً أو نموتَ فنُغْذَرا)

ثم هلك عمرو بن قميئة، فسمعته ربيعة: الضائع.

وبلغ الحارث بن أبي شمر الغساني، وهو الحارث الأكبر، ما خلفه امرؤ القيس عند السموأل بن عادياء من السلاح والمتاع، فوجه إليه رجلاً من أهل بيته، يقال له: الحارث بن مالك، فلما دنا من حصنه أغلقه، فقال له: أعطني سلاح امرىء القيس وودائعه، فقال: لا سبيل إلى ذلك، وكان للسموأل ابن خارج الحصن يتصيد، فلما رجع قال له الحارث: إن أعطيتني ما طلبت وإلا قتلت ابنك، فقال: لا سبيل إلى اعطائك ما تطلب، فاصنع ما أنت صانع. فقتل ابنه.

فضربت العرب بالسموأل المثل في الوفاء (223) ، فقال أعشى بني قيس (224) :

(كنْ كالسموألِ إذ سارَ الهُمامُ له ... في جَحْفَلٍ كهزيعِ الليلِ جرّارِ)

(بالأبلق الفَرْدِ من تيماءَ منزلُهُ ... حِصْنٌ حصينٌ وجارٌ غيرُ غدّارِ)

(خَيَّرَهُ خُطَّتَيْ خَسْفٍ فقال له ... مهما تقولن (225) فإني سامعٌ حارِ)

(فقال ثُكْلٌ وغَدْرٌ أنتَ بينهما ... فاختر وما فيهما حظٌّ لمُختارِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015