قال أبو بكر: فيه قولان:
أحدهما: أن المقصود بهذا هو الأحمق، إذا كان يصرف همه إلى المأكول والمشروب والمنكوح، فإذا استقام له ذلك لم يفكر في عاقبة، فعيشُهُ رغدٌ، وبالُهُ رَخِيٌّ. والعاقل ليس كذلك، لفكره في العواقب، واهتمامه بالحوادث والنوازل.
وشبيه بهذا قولهم: همُّ الدنيا على العاقل.
والقول / الآخر: أن المقصود بهذا هو الصبي الذي لا يفكر في شيء 180 / ب مستقبل، ولا يهتم إلا بما يأكله أو يشربه أو يلهو به. قال الراعي (?) :
(ألِفَ الهمومُ وِسادَهُ وتجنَّبت ... كسلانَ يُصبحُ في المنامِ ثقيلا)
أي تجنبت هذا الأحمق، الذي لا يزعجه ما يزعج العاقل، فيحول بينه وبين النوم.
وقال امرؤ القيس (?) :
(ألا انعمْ صباحاً أيُّها الطللُ البالي ... وهل يَنْعَمَنْ مَنْ كانَ في العُصُر الخالي) (167)
(وهل ينعمن إلاّ سعيدٌ مُخَلَّدٌ ... قليلُ الهمومِ ما يَبِيتُ بأَوْجالِ)
أراد: بالسعيد المخلد: الحمق. ويقال: أراد به الصبي الذي يلبس الخُلْدَة والخلدة: القرط والسوار. قال الله تبارك وتعالى: {يطوف عليهم وِلدانٌ مخلَّدون} (?) . قال بعض المفسرين (?) : المخلدون: المُسوَّرون، وقال آخرون: هم المقرَّطون، قال الشاعر:
(ومُخلَّداتٍ باللُجَيْنِ كأنّما ... أعجازُهُنَّ أقاوزُ الكُثبانِ) (?)