(76) (16)
قال أبو بكر: أصل الجائزة: أن يُعطي الرجلُ الرجلَ ماء، ويجيزه ليذهب لوجهه. فيقول الرجل إذا ورد الماء [لقَيِّم الماء] : أجزني، أيّ: أعطني ماء حتى أذهب لوجهي، وأجوز عنك. ثم كثرُ هذا في كلامهم حتى سموا العطية: جائزة. قال الراجز:
(يا قَيِّمَ الماءِ فدتكُ نفسي ... )
(أحسِن جوازي وأقِلَّ حَبْسي ... ) (77)
وقال الآخر (78) :
(وقالوا فُقَيْمٌ قَيِّمُ الماءِ فاستَجِزْ ... عُبادَةَ إنَّ المستجيزَ على قُتْرِ)
(79)
قال أبو بكر: معناه: ممتنع من أن يأتي أمراً دَنِيّاً يُدنِّسه، ويؤثر فيه. يقال (80) : أرضٌ ظَلِفَةٌ: إذا لم تُؤَدِّ أثراً. قال الشاعر (81) :
(ألم أَظْلِفْ عن الشعراءِ عِرضي ... كما ظُلِفَ الوَسِيقةُ بالكُراعِ)
الكُراع: أنف من الحَرَّة ينقاد، فإذا سيقت فيه وَسِيقةٌ لم يتبينَّ [لها] فيه أَثرٌ. فيقول: أمنع الشعراء من أن يؤثروا في عرضي، كما تمنع هذه (82) الوسيقة من أن يؤثر فيها.