(فإمّا تُمْسِ في جَدَثٍ مُقيماً ... بمَسْهَكَةٍ مِنَ الأرواحِ ضَجْرِ)
(59)
قال أبو بكر: معناه: بالرجوع: من قولهم: آب يؤوب أوباً: إذا رجع. (13) ويقال: قد تأوبني دائي: إذا راجعني، والأواب: الرجاع. قال الشاعر (60) :
(رسٌّ كرسِّ أخي الحُمّى إذا غَبَرَتْ ... يوماً تأَوَّيَهُ منها عقابيلُ)
وقال امرؤ القيس (61) :
(وقد نقَّبْتُ في الآفاقِ حتى ... رَضِيتُ من الغنيمةِ بالإيابِ)
قال أبو بكر: فيه خمسة أوجه:
أحدهن أن تقول: يا باقلاءُ حارٌّ، فترفع الباقلاء لأنه منادى مفرد، وترفع الحار على تجديد النداء، كأنك قلت: يا باقلاءُ يا حارُّ، والنداء في اللفظ واقع على الباقلاء، وهو في الحقيقة لصاحبه؛ كما تقول العرب: قد ربحت دراهمُكَ ودنانيرُك، وقد خَسِرت تجارتُك؛ معناه: قد خسر أصحاب التجارة. فلما عُرِف المعنى، جاز الاختصار. قال الله عز وجل: {فما ربحتْ تجارتُهم} (62) . ومنه قول العرب: ليلٌ نائمٌ، وماء دافقٌ، وسرٌّ كاتِمٌ؛ معناه: ليل يُنام فيه، وماء مدفوق، وسر مكتوم. فلما عُرِف المعنى صُرِف إلى هذا اللفظ. قال الشاعر:
(إنَّ الذينَ قتلتم أمسِ سَيِّدَهُم ... لا تحسبوا ليلَهُم عن ليلِكُم ناما)
(أَدُّوا التي نقصت سبعينَ من مائةٍ ... ثم ابعثوا حَكماً بالعدلِ حَكّاما) (63)