فجعل له حلوبة وسماه فقيرا.
قال: وأخبرني الحسين بن فهم عن محمد بن سلام عن يونس قال الفقير الذي يكون له بعض ما بقيمه والمسكين الذي لا شيء له وقال يونس قلت لاعرابي مرة أفقير أنت فقال لا والله بل مسكين.
قال: وسمعت أبا الهيثم يقول كأن الفقير سمى فقيرا لزمانه تصيبه مع حاجة شديدة تمنعه الزمانه عن الكسب قال ويقال اصابته فاقره أي نازله فقرت فقاره وهو خرز ظهره قال والزمانه كل داء ملازم يزمن الإنسان فيمنعه عن الكسب كالعمى والاقعاد وشلل اليدين قال وقد يسمى الأخرس الأصم زمنا وقد
يكتسب وهو غير سوى قال الله عز وجل: {أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} "1" قالوا من غير خرس والأخرس ليس يسوى وأنشد بعضهم في الفقير:
لما رأى لبد النسور تطايرت ... رفع القوادم كالفقير الأعزل"2"
لبد: آخر نسور لقمان وجعل لقمان بن عاد عمر سبعة نسور ولبد آخر نسوره وأراد بالفقير المكسور الفقار يضرب مثلا لكل ضعيف لا ينفذ في الأمور.
قال أبو منصور: وقد تعوذ النبي صلى الله عليه وسلم من الفقر ودعا فقال: "اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين".3
وقد يكون المسكين في هذا الحديث المتواضع المخبت لان المسكنة مفعلة من السكون يقال تمسكن الرجل لربه إذا تواضع وخشع وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الفقر المرب وهو الفقر اللازم الذي لا يفارقه من أرب بالمكان إذا أقام