القوم وارمدوا إذا هلكوا وقال أبو وجزه"1":
صببت عليكم حاصبي فتركتكم ... كاصرام عاد حين جللها الرمد"2".
الرمد: الهلاك.
وقوله: "حتى أحيوا" يقال للقوم إذا غيثوا ومطروا قد حيوا وذلك إذا عاشوا بالحيا وهو المطر فإذا اردت أن مواشيهم عاشت بالحيا وسمنت قيل احيوا.
قال الشافعي: قال الله عز وجل: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} "3". أما الشعوب والقبائل فقد مر تفسيرها والمعنى انا خلقناكم من آدم وحواء وكلكم بنو أب واحد وام واحده اليهما ترجعون في انسابكم. ثم قال: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} "3" يقول لم نجعلكم كذلك لتتفاخروا بآبائكم الذين موضوا في الشعوب والقبائل وإنما جعلناكم كذلك لتتعارفوا أي ليعرف بعضكم بعضا وقرابته منه وتوارثه بتلك القرابه ولما لكم من معرفة القبائل من المصالح في معاقلكم، ثم قال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} أي ان أرفعكم منزلة عند الله أتقاكم، وفي هذه الآية نهى عن التفاخر بالانساب وحض على معرفتها ليستعان بها على حيازة المواريث ومعرفة العواقل في الديات والله اعلم.
وذكر الشافعي - رحمه الله - أن معنى قوله: {لِتَعَارَفُوا} أي ليتعارف الناس في الحروب وغيرها فتخف المئونه عليهم باجتماعهم. قال أبو منصور: وما قاله الشافعي داخل في مصالح التعارف ولا يخرج منها ما قدمنا ذكره.