وبالجملة فمن العلماء من قال: مائة وخمسون ومنهم من قال: مائتان ومنهم من قال: أربع سنين ومنهم من قال: زيادة على ذلك ومنهم من فرق بين من كان له أهل ومال ومن لم يكن له أهل ومال والكل محض رأي وعندي أن تحريم نكاح المحصنة ورد به النص القرآني وأجمع عليه جميع المسلمين بل هو معلوم من ضرورة الدين وامرأة المفقود محصنة فالأصل الأصيل تحريم نكاحها وإذا لم يكن لها ما تستنفقه وكان إمساكها حينئذ وإلزامها على استمرار نكاح الغائب فيه إضرار بها كان ذلك وجها للفسخ وهكذا إذا طالت مدة الغيبة وكانت المرأة تتضرر بترك النكاح فالفسخ لذلك جائز وإذا جاز الفسخ للعنة فجوازه للغيبة الطويلة أولى لأنه قد عُلم من نصوص الكتاب والسنة تحريم الإمساك ضرارا والنهي للأزواج عن الضرار في غير موضع فوجب دفع الضرار عن الزوجة بكل ممكن وإذا لم يكن إلا بالفسخ جاز ذلك بل وجب1 وأما عدم وقوع طلاق المكره فدليله حديث "لا طلاق في إغلاق" أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقي والحاكم وصححه من حديث عائشة وضعفه أبو حاتم بمحمد بن عبيد الله بن أبي صالح ورُد عليه بأنه قد أخرجه البيهقي من طريق غيره والإغلاق عند علماء اللغة الإكراه كما في النهاية وغيرها وأما عدم صحة الطلاق قبل أن ينكحها فالأحاديث الواردة في هذا الكتاب لا تخلو عن مقال لكن لها طرق عدة عن جماعة من الصحابة وهي لا تقصر عن بلوغ رتبة الحسن لغيره فالعمل بها متحتم ولم يأت من خالفها بشئ إلا مجرد رأي محض ثم إن السيد لا يطلق عند عبده بل الطلاق إلى العبد وذلك هو الأصل في الشريعة المطهرة فمن زعم أنه يصح طلاق غير زوج فعليه الدليل