في الترغيب في النكاح كثيرة وقال تعالى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} "ويجب على من خشي الوقوع في المعصية" لأن اجتناب الحرام واجب وإذا لم يتم الاجتناب إلا بالنكاح كان واجبا وعلى ذلك تحمل الأحاديث المقتضية لوجوب النكاح كحديث أنس في الصحيحين وغيرهما: أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم لا أتزوج وقال بعضهم أصلي ولا أنام وقال بعضهم أصوم ولا أفطر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" وأخرج ابن ماجة والترمذي من حديث الحسن عن سمرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل"قال الترمذي إنه حسن غريب قال: وروى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة ويقال كلا الحديثين صحيح انتهى وفي سماع الحسن عن سمرة مقال معروف وأخرج النهي عن التبتل أحمد وابن حبان في صحيحه من حديث أنس وأخرج ابن ماجه من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني " "والتبتل غير جائز" لما تقدم. وقد رد صلى الله عليه وسلم التبتل على عثمان بن مظعون وكانت المانوية والمترهبة من النصارى يتقربون إلى الله بترك النكاح وهذا باطل لأن طريقة الأنبياء عليهم السلام التي ارتضاها الله تعالى للناس هي إصلاح الطبيعة ودفع اعوجاجها لا سلخها عن مقتضياتها "إلا لعجز عن القيام بما لا بد منه" لما ثبت في الكتاب العزيز من النهي عن مضارة النساء والأمر بمعاشرتهن بالمعروف. فمن لا يستطيع ذلك لم يجز له أن يدخل في أمر يوقعه في حرام وعلى ذلك تحمل الأدلة الواردة في العزبة والعزلة. أقول: الحاصل أن من كان محتاجا إلى النكاح أو كان فعله له أولى من تركه من دون احتياج فلا ريب أن أقل الأحوال أن يكون في حقه مندوبا للأدلة الواردة فيه. ومن لم يكن محتاجا إليه ولا كان فعله أولى له كالحصور والعنين فقد يكون في حقه مكروها إذا كان يخشى الاشتغال عن الطاعات من طلب العلم أو غيره مما يحتاج إليه أهله أو كانت المرأة تتضرر بترك الجماع من دون أن تقدم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015