قَالَ وَوصل فِي هَذِه السّنة رَسُول دَار الْخلَافَة وَهُوَ الْخَادِم فَاضل وَكَانَ من أفضل الخدم ندب بِأَفْضَل الخدم
وَفَرح السُّلْطَان بِهِ واستصحبه مَعَه إِلَى الْغُزَاة ووقف بِهِ على الْحصن الَّذِي استجده الفرنج بالمشهد اليعقوبي وتخطف من حوله من الفرنج جمَاعَة وَأقَام على أهل الْمعْصِيَة بجهاده الطَّاعَة وَعَاد وَقد عرف مَا يعزم عَلَيْهِ من أَمر فَتحه
قَالَ وَفِي مستهل ذِي الْقعدَة كَانَت وقْعَة هنفري ومقتله وَذَلِكَ أَن الْأَخْبَار تَوَاتَرَتْ بِأَن الفرنج قد تجمعُوا فِي جمع عَظِيم وَأَنَّهُمْ عازمون على الْخُرُوج إِلَى الْمُسلمين على غرَّة
فَقدم السُّلْطَان ابْن أَخِيه فرخشاه على عَسَاكِر دمشق وَأمره أَن يخرج إِلَى الثغر فَفعل وَأمره إِن علم بخروجهم أَن ينفذ إِلَى السُّلْطَان يُعلمهُ بذلك وَلَا يلقاهم بل يتركهم حَتَّى يتوسطوا الْبِلَاد
فَلم تشعر طلائع فرخشاه إِلَّا وَقد خالطوهم على غرَّة فَوَقَعت الْوَقْعَة فَقتل صَاحب الناصرة وَجَمَاعَة من مقدميهم وَطلب الْملك فَطرح حصانه وجرح فرسانه وَجَاء الهنفري ليحميه فَوَقَعت فِيهِ جراحات أَحدهَا نشابة وَقعت فِي مارنه فجدعته ونفذت إِلَى فِيهِ وَمَرَّتْ بضرسه فقلعته وَخرجت من تَحت فكه وَوَقعت أُخْرَى فِي مشط رجله فنفذت إِلَى أَخْمُصُهُ وَأُخْرَى فِي ركبته وَضرب بلت فِي جنبه فَكسر لَهُ ضلعين
وَقتلت عدَّة من الرجالة والخيالة وَرجعت الفرنج بخزي عَظِيم لَيْسَ فيهم