الْكَلِمَة بِمصْر على من طَاعَته وبجمع كلمة الْإِسْلَام وبذل مَالا يحملهُ كل سنة فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وحملوا إِلَى نور الدّين مَالا جزيلا فَبَقيَ الْأَمر على ذَلِك إِلَى أَن قصد الفرنج مصر لتملكها فَكَانَ مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي أَخْبَار سنة أَربع وَسِتِّينَ
قَالَ القَاضِي أَبُو المحاسن ذكر عود أَسد الدّين إِلَى مصر فِي الْمرة الثَّانِيَة وَهِي الْمَعْرُوفَة بوقعة البابيْن لم يزل أَسد الدّين يتحدث بذلك بَين النَّاس حَتَّى بلغ شاور ذَلِك وداخله الْخَوْف على الْبِلَاد من الأتراك وَعلم أَن أَسد الدّين قد طمع فِي الْبِلَاد وَأَنه لَا بُد لَهُ من قَصدهَا فكاتب الفرنج وَقرر مَعَهم أَنهم يجيئون إِلَى الْبِلَاد ويمكنونه فِيهَا تمكيناً كلياً ويعينونه على استئصال أعدائه بِحَيْثُ يسْتَقرّ قدمه فِيهَا وَبلغ ذَلِك نور الدّين وَأسد الدّين فَاشْتَدَّ خوفهما على مصر أَن يملكهَا الْكفَّار فيستولوا على الْبِلَاد كلهَا فتجهز أَسد الدّين وأنفذ نور الدّين مَعَه الْعَسْكَر وألزم صَلَاح الدّين رَحمَه الله بِالْمَسِيرِ مَعَه على كَرَاهِيَة مِنْهُ لذَلِك وَذَلِكَ فِي اثناء ربيع الأول وَكَانَ وصولهم إِلَى الْبِلَاد المصرية مُقَارنًا لوصول الفرنج إِلَيْهَا وَاتفقَ شاور مَعَ الفرنج على أَسد الدّين والمصريون بأسرهم وَجرى بَينهم حروب كَثِيرَة ووقعات شَدِيدَة وانفصل الفرنج عَن الديار المصرية وانفصل أَسد الدّين
وَكَانَ سَبَب عود الفرنج أَن نور الدّين قدس الله روحه جرد العساكر إِلَى بِلَاد الإفرنج وَأخذ المنيطرة وَعلم الفرنج ذَلِك فخافوا على بِلَادهمْ وعادوا وَكَانَ سَبَب عود أَسد الدّين ضعف عسكره بِسَبَب مواقعة الفرنج