وَقَالَ العرقلة يرثى جمال الدّين الْوَزير والصالح بن رزيك
(لَا خير فِي الدُّنْيَا وَلَا أَهلهَا ... بعد جمال الدّين والصالح)
(بحران لَوْلَا دمع باكيهما ... مَا كَانَ مَاء الْبَحْر بالمالح)
قَالَ ابْن الْأَثِير وَقَالَ وَالِدي كنت أرى من الْوَزير جمال الدّين فِي الْأَيَّام الشهيدية من الْكِفَايَة وَالنَّظَر فِي صَغِير الْأُمُور وكبيرها والمحاققة فِيهَا مَا يدل على تمكنه من الْكِفَايَة
فَلَمَّا وصل الْأَمر إِلَى الْملك قطب الدّين مودود بن أتابك الشَّهِيد وجمال الدّين وزيره حِينَئِذٍ وَقد تمكن زين الدّين عليّ بن بكتكين فِي الدولة تمَكنا عَظِيما وَتقدم عِنْد قطب الدّين جمَاعَة من أَصْحَابه فَكَانَ جمال الدّين مَعَ تمكنه وعلو مَحَله يهمل بعض الْأُمُور قَالَ فَقلت لَهُ يَوْمًا أَيْن تِلْكَ الْكِفَايَة الَّتِي كُنَّا نرَاهَا مِنْك فِي الْأَيَّام الشهيدية مَا أرى الْآن مِنْهَا شَيْئا فَقَالَ لي والآن مَا عِنْدِي كِفَايَة فَقلت مَا هَذَا الْعَمَل من ذَلِك بِشَيْء
فَقَالَ أَنْت صبي غرٌّ لَيست الْكِفَايَة عبارَة عَن فعل وَاحِد فِي كل زمَان إِنَّمَا الْكِفَايَة أَن يسْلك الْإِنْسَان فِي كل زمَان مَا يُنَاسِبه ذَلِك الْوَقْت كَانَ لنا صَاحب مُتَمَكن قوي الْعَزْم لَا يتجاسر أحد على الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ وَلَا يَتلون بأقوال أَصْحَابه فحفظناه فَكَانَ مَا أَفعلهُ هُوَ الْكِفَايَة
وَأما الْآن فلنا سُلْطَان غير مُتَمَكن وَهُوَ مَحْكُوم عَلَيْهِ فَهَذَا الَّذِي أَفعلهُ هُوَ الْكِفَايَة