قَالَ وَلَو رُمت شرح مُفْرَدَات أَعماله لأطلت وأضجرت وَهِي ظَاهِرَة لَا تحْتَاج إِلَى بَيَان فَلهَذَا تركنَا أَكْثَرهَا
قلت وَقد ذكره الْأَمِير مؤيد الدولة أُسَامَة بن منقذ فِي = كتاب الِاعْتِبَار = فَقَالَ اجْتمعت بِجَمَال الدّين فِي الْموصل سنة خمس وَخمسين وَخمْس مئة وَأَنا مُتَوَجّه إِلَى الْحَج وَكَانَت بيني وَبَينه مَوَدَّة قديمَة وَعشرَة ومؤانسة فَعرض عليّ الدُّخُول إِلَى دَار فِي الْموصل فامتنعت وَنزلت بخيمتي على الشط فَكَانَ مُدَّة مقَامي كل يَوْم يركب يجوز على الجسر نَحْو نِينَوَى وأتابك قد ركب إِلَى الميدان وَينفذ إليّ يَقُول أركب فَأَنا وَاقِف أنتظرك
فأركب فأسير أَنا وَهُوَ فنتحدث
فَوجدت يَوْمًا مِنْهُ خلْوَة من أَصْحَابِي فَقلت لَهُ فِي نَفسِي شَيْء يتَرَدَّد من حَيْثُ اجْتَمَعنَا أشتهي أَن أقوله لَك وَمَا يتَّفق لي خلْوَة وَقد خلونا السَّاعَة قَالَ قل قلت أَقُول لَك مَا قَالَه الشريف الرضي
(مَا ناصحتك خفايا الود من أحد ... مَا لم يصبك بمكروه من العذل)
(مودتي لَك تأبى أَن تسامحني ... بِأَن أَرَاك على شَيْء من الزلل)
وَقد بسطت يدك فِي إِنْفَاق المَال فِي الصَّدقَات ووجوه الْبر وَالْمَعْرُوف والسلاطين مَا يحْتَملُونَ إِخْرَاج المَال وَلَا تصبر نُفُوسهم عَلَيْهِ وَلَو أَن الْإِنْسَان يُخرجهُ من مِيرَاثه وَهَذَا الَّذِي أهلك البرامكة فَانْظُر لنَفسك كَيفَ