هَذَا يزْعم أَنه يقلب الدولة ويغلب الصولة وَأَنه ينعَت بِالْملكِ النَّاصِر نعت الإِمَام النَّاصِر وَيدل بِمَالِه من الْقُوَّة والعساكر
فأشفق الدِّيوَان الْعَزِيز على السُّلْطَان من هَذِه وبرز الْأَمر المطاع بإرسال أخي وإنفاذه وَقَالُوا هَذَا تَاج الدّين أَخُو الْعِمَاد يكفل لنا فِي كشف سر الْأَمر بالمراد فَإِن أَخَاهُ هُنَاكَ مطلع على الْأَسْرَار وَهُوَ مُنْتَظم فِي سلك الْأَوْلِيَاء الْأَبْرَار
وعول عَلَيْهِ الدِّيوَان فِي السفارة ورد مَعَه جَوَاب الْبشَارَة وكتبت لَهُ تذكرة بموجبات مَقَاصِد العتب ومكدرات موارد الْقرب والمخاطبة فِيهَا وَإِن كَانَت حَسَنَة خشنة والمعاتبة مَعَ شدتها للعواطف الإمامية لينَة
فَسَار الْأَخ إِلَى دمشق وَكَانَ قد عَاد الْمَنْدُوب نادبا عاديا جاحدا للنعمة شاكيا وَقَالَ أَخُو الْعِمَاد قد وصل بِكُل عتب وَغَضب وَلَفظ فظ وَمَعَهُ الملامات المؤلمات فَقلت لَهُ اسْكُتْ واصمت وَقلت للسُّلْطَان سمعا وَطَاعَة لأمر الدِّيوَان فَإِن إِظْهَار سر العتب لَك من غَايَة الْإِحْسَان فَقَالَ نعم مَا قلت
وَلما قرب أخي أَصبَحت لقدومه أنتخي فَأمر السُّلْطَان الْأُمَرَاء على مَرَاتِبهمْ باستقباله وَتقدم لجلالة قدومه بإحلاله وتلقاه الْمُلُوك الْحَاضِرُونَ الْعَادِل والمظفر وَالْأَفْضَل وَالظَّاهِر
ثمَّ ركب وتلقاه بِنَفسِهِ وَخَصه من تقريبه بأنسه وَلم يزل حَتَّى أرَاهُ مَوَاضِع الْحصار ومصارع الْكفَّار ثمَّ نزل وأنزله بِالْقربِ ثمَّ حضر عِنْده وَقد أخلى مَجْلِسه لي وَله وَحده فَأدى الْأَمَانَة فِي مشافهته وَوجه مقاصده فِي مواجهته وأحضر التَّذْكِرَة وَقد جمعت الْمعرفَة والنكرة فقرأتها عَلَيْهِ وَكَانَت فِي الْكتب غلظة عدت من الْكَاتِب غلطة