أودعتم مخلصكم أصناف شوق أضر بالقلب ناره. وعلا على داخل الأحشاء شراره. تثقل عن حمله رضوى وسائر الجبال.
وهذا ظاهر في مخلصكم كما نظم الشاعر وقال
ومن بينات الشوق أني على النوى ... أموت لذكراكم مرراً وابعث
يرى شخصكم نصب عينه، وساعة فرقتكم يوم بينه. حتى ألم به الجوى وطفق به النوى. وأقلقه وأذابه، وأنحفه وأضابه. فغدا يستنطق عن أخباركم المعربة والعجماء، ويستنشق شذا نسيمكم من الأرض والسماء. فيحمل النسيم أنواع الأشواق، ويودعه بث ذلك في ناحية العراق، حتى انه أنشد النسيم وهو ذاهب الرقاد، ما نظمه المغرم المشوق الكاتب عماد.
إذا جئتما أهل العراق فبلغا ... سلام شج من شغله ما تفرغا
وقولا تركناه مطيع صبابة ... عصى صبره والدمع في طوعه طغى
ولا تخبرا الا بحال اشتياقه ... ففي ذكرها من شرحها كل مبتغى
يرنحني ذكراكما ويهزني ... كأني سكران إلى نغمة صغى
من الصبر قلبي مذ نأيتم مفرغ ... على أن همي أضحى فيه مفرغا