وسوى طريقها وردم ما استرم فيها، وبأيلة أسواق ومساجد، وفيها كثير من اليهود يزعمون أن عندهم برد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه وجهه إليهم أماناً وهم يظهرونه رداء عدنياً ملفوفاً في الثياب قد أبرز منه مقدار شبر فقط.
ثم أصلحها السلطان الأشرف قانصوه الغوري آخر ملوك الجراكسة من جملة ما أصلح في طريق الحجاج في أواخر عمره قبل العشرين والسبعمائة (?) .
المذكورة في كتاب الله تعالى: قيل إنها مدين وقيل من ساحل البحر إلى مدين، وقيل هي غيضة نحو مدين وهو مدين بن إبراهيم عليه السلام، ونبيهم شعيب عليه السلام، وفيهم قال الله تعالى " ولقد كذب أصحاب الأيكة المرسلين "، وفي آية أخرى " وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم " ومن ملوكهم أبو جاد وهوز وحطي على تواليها فكان أبو جاد ملك مكة وما يليها من الحجاز، وكان هوز وحطي ببلاد وج وهي الطائف وما اتصل بها من أرض نجد، وكلمن وسعفص وقريشات ببلاد مصر، وفيما لحق بهم من عذاب الله تعالى يقول المنتصر بن المنذر:
ملوك بني حطين وسعفص ذي الندى ... وهوز أرباب البنية والحجر
هم ملكوا (?) أرض الحجاز بأوجه ... كمثل شعاع الشمس أو صورة البدر
وهم قطنوا أرض الحرام وزينوا ... (?) قصوراً وفازوا بالمكارم والفخر وسلط الله على قوم شعيب عليه السلام حراً شديداً أخذ بأنفاسهم ثم بعث الله سبحانه سحابة فوجدوا لها برداً فلما صاروا تحتها أرسلها الله عليهم فذلك قوله تعالى: " فأخذهم عذاب يوم الظلة " فاحترقوا كما يحترق الجراد، وكانوا أهل كفر وبخس في الميزان والمكيال.
من بلاد خراسان، لها قصبة ونهر وربض، ولهم في الربض والمدينة ماء جار، وبجبل إيلاق معادن ذهب وفضة، ويتصل بهذا الجبل حدود فرغانة، وبها دار ضرب وليس فيما وراء النهر دار ضرب إلا بسمرقند وبخارى وإيلاق، ولإيلاق بضع عشرة مدينة، وإيلاق متصلة ببلاد الشاش وهما جميعاً لا فصل بينهما عمارتهما متصلة متكانفة لا تنقطع، مقدار عرضها مسيرة يومين في ثلاثة أيام، وليس بخراسان وما وراء النهر كورة ولا إقليم على مقدارها في المساحة أكثر منابر وقرى عامرة من هذه الناحية، وآخر حدودها ينتهي إلى وادي الشاش الذي يقع في بحيرة خوارزم وعامة دور مدنها يجري فيها الماء، وقد أهلك ذلك (?) .
هي قاعدة بلاد السوس الأقصى وهي مدينة كبيرة قديمة في سهل من الأرض على نهر كبير، وهي كثيرة البساتين والتمر وجميع الفواكه ربما بيع فيها حمل التمر بما دون كراء الدابة من الجنان إلى السوق، وقصب السكر بها كثير، وأكثر شرب أهلها إنما هو ماء قصب السكر، ويعمل بها النحاس المسبوك ويتجهز به إلى بلاد السودان. ودخل عقبة بن نافع إلى هذه المدينة عند دخوله بلاد المغرب وافتتحها وأخرج منها سبياً لم ير مثله حسناً، كانت تباع الجارية الواحدة منهن بألف دينار وأكثر لحسنها وتمام خلقها. ويعمل بهذه المدينة زيت اليرجان (?) وشجره يشبه الكمثرى إلا أنه لا يعلو شجر الكمثرى ولا يفوت وأغصانه نابتة من أصله لا ساق لشجرته ولها شوك وثمرته تشبه الأجاص فيجمع ويترك حتى يذبل ثم يوضع في مقلاة فخار على النار فيستخرج دهنه، وطعمه يشبه طعم القمح المقلو وهو حينئذ محمود الغذاء يسخن الكلى ويدر البول.
جبل بين سطيف وقسطنطينة فيه قبائل كتامة، وبه حصن حصين ومعقل منيع كان قبل هذا من أعمال بني حماد، وتمتد عمارة كتامة بهذه الأرض إلى أن تجاور أرض القل وبونة، وفيهم كرم وبذل طعام لقاصدهم، وهم أكرم الرجال للأضياف حتى استسهلوا مع ذلك بذل أولادهم للأضياف فلا يرون