الغوري آخر ملوك الجراكسة في حدود سنة 720 ونحن نعلم أنه توفي سنة 922؟ إذن هنا يجب أن نقف عند الخطأ التقليدي للنساخ حين يضعون سبعمائة بدل تسعمائة (أو العكس) ونقول: الصواب " قبل سنة 920 " وإما أن نعتقد أن اسم قانصوه الغوري وقع سهواً في موضع الناصر محمد الذي أصلح طريق العقبة فعلاً قبل سنة 720 (كان ذلك سنة 719) ؛ قال ابن تغري بردي: " وفي هذه السنة (أي 719) مهد السلطان ما كان في عقبة أيلة من الصخور ووسع طريقها حتى أمكن سلوكها بغير مشقة، وأنفق على ذلك جملاً مستكثرة " (?) . وأي الفرضين اخترنا وجدنا أن الإشارة إلى هذه الحادثة لا يمكن أن تكون من عمل المؤلف، فلو قلنا أن قانصوه الغوري وقع سهواً بدلاً من الناصر محمد لكانت هذه الهفوة من عمل إنسان آخر عاش حتى عرف من هو قانصوه الغوري؛ ولو قلنا أن التاريخ الصحيح هو سنة 920 لكان ذلك تجاوزاً لأقصى تاريخ حددته المصادر لوفاة ابن عبد المنعم، وهو سنة 900 كما جاء عند حاجي خليفة، وعلى كلتا الحالين نجد أنفسنا إزاء عبارة مقحمة لا دخل لابن عبد المنعم بها، وهي تتعارض من حيث الزمن مع كون الروض المعطار مصدراً للقلقشندي المتوفى سنة 821 - كما تقدم القول - وسيزداد رفضنا لها عندما نناقش العبارة الثانية التي تدور حول إجلاء المسلمين من لوجارة:

فهذه العبارة الثانية أقوى من سابقتها بكثير، وليس من المستبعد أن تكون الإشارة فيها إلى تلك الحادثة من صنيع المؤلف نفسه، وكان الذي حدا بالأستاذ رتزيتانو إلى ربطها بعام 700 شيئان: وقوع الحادثة حسب المصادر الأخرى سنة 700 وورد عبارة " هذا العهد القريب " ولفظة " الآن " فيها، (وما دام ابن حجر في الدرر يحدد وفاة المؤلف بعام 727 فلا مانع إذن من هذا الربط) وما دامت المصادر الموثوقة قد تحدثت عن حدوث ذلك الجلاء عام 700، فمن المغالاة أن نحيطها بالشك، خصوصاً وأن التاريخ المذكور، يمكن أن يشير إليه مؤلف طعن في القرن الثامن بعدة سنوات. ولكن أحب أن أشير إلى أن لفظة " الآن " لا تعني المعاصرة أبداً لدى صاحب الروض، فإنه إذا وجدها عند مؤلف سابق أبقاها على حالها، فإذا لم ينتبه القارئ لهذه الحقيقة جاءت مضللة. مثال ذلك قوله في مادة (طيبة) : وهي الآن عليها سور حصين منيع من التراب بناه قسيم الدولة الغزي؟ " وهذا كلام الإدريسي حرفياً؛ وذلك يكفي في تبيين نقل المؤلف عمن سبقه دون تصرف، فقد ورد هذا في غير موضع من كتابه؛ فإذا كانت عبارة " هذا العهد القريب " ذات معنى، فإنها تعني القرب من أوائل القرن الثامن، وهي بذلك تنفي الحديث الذي جاء في العبارة الأولى عن قانصوه الغوري وإصلاحه طريق العقبة قبل سنة 920.

9 - إذن، ليس هناك من الناحية الزمنية، ما يعطل نسبة الروض المعطار إلى ابن عبد المنعم الحميري، وإن لم يحاول فيه أن يبرز موقفه، من ناحية الأحداث، أو منتماه السبتي (أو المغربي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015